يرى محللون ان لبنان بات رهينة النزاع في سوريا بعد سلسلة مواجهات امنية دامية وقعت فيه اخيرا بين مناهضين ومؤيدين لنظام الرئيس بشار الاسد، في ضوء اتهامات دمشق حول تحول بعض المناطق الحدودية اللبنانية الى مقر لدعم المعارضة السورية المسلحة.ويقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية غسان العزي لوكالة فرانس برس ان “هذه الحوادث نقلت رسالة لا تحتمل التأويل مفادها ان تفجير لبنان امر ممكن في اي لحظة. والرسالة وصلت”. ويضيف “لبنان المنقسم بين مؤيدين للنظام السوري ومناهضين له، اصبح رهينة الازمة” القائمة في سوريا منذ 14 شهرا.في 12 ايار/مايو، تم توقيف الشاب اللبناني الاسلامي شادي المولوي الداعم للحركة السورية المناهضة لبشار الاسد في طرابلس في شمال لبنان، ما اثار توترا شديدا تحول سريعا الى اشتباكات مسلحة في المدينة بين سنة مؤيدين “للثورة السورية” وعلويين مؤيدين للنظام السوري اوقعت عشرة قتلى وعشرات الجرحى،حسبما أوردت الفرنسية. وفي 20 ايار/مايو وفي ظل استمرار اجواء الضغط والتوتر، قتل رجل الدين السني الشيخ احمد عبد الواحد ورفيقه الشيخ محمد المرعب برصاص الجيش اللبناني بسبب عدم امتثاله لامر بالتوقف، بحسب مصدر امني، بينما اتهم مقربون من الشيخ المعروف بمواقفه المؤيدة للمعارضة السورية “عناصر مندسة داخل الجيش” باستهداف السيارة. وعلى الاثر، وقعت اشتباكات في احد احياء بيروت بين انصار تيار المستقبل “معارضة مناهضة للنظام السوري” وتنظيم صغير موال لدمشق اوقعت قتيلين. ويقول محللون ان هناك رابطا مباشرا بين هذه الحوادث والاتهامات الاخيرة التي وجهها مندوب سوريا الدائم لدى الاممالمتحدةبشار الجعفري وفيها ان “بعض المناطق اللبنانية المجاورة للحدود السورية اصبحت حاضنة لعناصر ارهابية من تنظيمي القاعدة والاخوان المسلمين ممن يعبثون بامن سوريا ومواطنيها”. وتحدث الجعفري في رسالة الى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون عن “معلومات حول تزويد الجماعات الارهابية في سوريا بالسلاح وتهريب الارهابيين عبر الحدود اللبنانية السورية”. ويقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاميركية في بيروت هلال خشان ان دمشق “باتت تنظر الى جزء من لبنان على انه معاديا لها”. وكانت الاممالمتحدة اشارت الى تقارير عن حصول عمليات تهريب سلاح بين لبنان وسوريا. واوقفت الاجهزة الامنية اللبنانية عددا من الاشخاص بتهمة تهريب السلاح الى سوريا. كما ضبطت اخيرا باخرة محملة بالسلاح قادمة من ليبيا وموجهة الى المعارضة السورية. ويقول مدير مركز “كارنيجي” للابحاث في الشرق الاوسط بول سالم “لن تسمح سوريا بتحول شمال لبنان الى قاعدة دعم مهمة للمعارضين السوريين”. ويضيف “من الواضح ان سوريا تضغط على اصدقائها وحلفائها في لبنان من اجل القيام بشيء ما ازاء هذا الوضع، وهذا ما ادى الى التوتر”. ولوحظ ان حزب الله، ابرز حلفاء سوريا في لبنان، بقي في منأى عن الاحداث الاخيرة، حتى انه لم يعلق عليها بشكل مباشر. واكتفى مسؤول في الحزب الشيخ نبيل قاووق الاثنين بتحذير قوى 14 آذار “المعارضة” من ادخال لبنان في “المخاطر الكبرى” ومن تحويله الى ممر ومقر للمسلحين السوريين. في المقابل، اتهمت المعارضة المناهضة للنظام السوري سوريا بمحاولة زعزعة استقرار لبنان ونقل “الشرارة الامنية” اليه. ويرى سالم ان الرسالة واضحة ومفادها كائنا من كان وراء الحوادث الاخيرة “اذا اراد الشمال ان يدعم المعارضة السورية، فسيدفع الثمن”. وبدأ القضاء العسكري يحقق في حادثة مقتل الشيخ عبد الواحد ورفيقه. ويرى محللون استحالة ان يكون امر اطلاق النار اتخذ على مستوى عال في قيادة الجيش، الا انهم يتوقفون عند محاولة اقحام الجيش اكثر في محاولة منع انشطة دعم المعارضة السورية انطلاقا من لبنان. ويقول خشان “الهدف دفع الجيش الى التحرك للحؤول دون استخدام الشمال ضد النظام السوري”. وترتدي اعمال العنف بسرعة طابعا طائفيا في لبنان ذي التركيبة الامنية والطائفية والسياسية الهشة، ما يجعل اي هزة امنية تطورا خطيرا يثير الخشية من انفجار اوسع في البلاد. ويتخوف المحللون من الدعوات التي وجهتها اخيرا اربع دول خليجية الى رعاياها لمغادرة لبنان.ويقول العزي “حتى الآن، الحوادث هي مجرد هزات صغيرة... وفي مرحلة لاحقة قد يتبعها الزلزال”.