أصبح تراث الماضي مهدداً بعد تطور الحياة وتماشيها مع مظاهر الحضارة والتقدم، فقد باتت الكثير من صور التُراث مُغبرة في عيون أجيال اليوم، ما جعل من ماضي الأجداد قطعاً نادرة لا تستهوي سوى الباحثين عن تلك التُحف المميزة على الرغم من قدمها الضارب في الزمن. في الجنوب من مدينة الطائف وعلى بعد 160 كلم في قرية شوقب المهجورة تجد منزل الشيخ سعود بن هريش المالكي شامخاً مُحافظاً على بعض بقايا التاريخ، حيث أمضى ابن هريش معظم حياته يجمع تلك المقتنيات القديمة خشية الإندثار وفقدان الهوية لتكون شاهدة على أيامٍ . ” الوئام” جالت بين تلك المقتنيات في منزل ابن هريش الذي أخبرنا أنه كان مولعاً وعاشقاً لجمع الآثار ومهتماً بالتراث، حيث يقول: أمضيت أكثر من نصف عمري وأنا أجمع تلك المقتنيات القديمة حتى أني كنت أسافر في بعض الأحيان إلى اليمن بحثاً عن كثير من الآثار التي اندثرت . ويضيف: بعد ذلك قمت بإنشاء متحف لتلك المقتنيات في منزلي مابين عام 1360ه إلى عام 1368ه حتى أكتمل في السنوات الأخيرة وأصبحت معظم المقتنيات موجودة في هذا المتحف. ويمضي إبن هريش في حديثه عن المتحف الذي يضم بين جنباته مجموعة من الأسلحة القديمة والتي عودها بعضها لقرون سابقة، ورماحاً تعود لأكثر من مئتي عام، ويشمل المتحف أيضاً بعض الأواني التي تعود لعام 295ه ، أي قبل 1200سنة، وكذلك تجد فيه الرحى المستخدمة في طحن الحبوب. وبين المقتنيات أيضاً هناك صحن مصنوع من شجر الغرب، كان ابن هريش قد ورثه عن أبيه وجده، ويبلغ عمر هذا الصحن الآن قرابة 290 سنة. ويضيف ابن هريش أنه اقتنى العديد من القطع الأثرية أهمها : باب” قصر حكم الأشراف ” يبلغ عمره أكثر من 700 سنة، كان لأحد القصور في مكة ويعرف ب ( قصر الزيمة ). كما يملك عدد من البنادق الهندية القديمة والتي تُسمى بالميري، والثياب المالكية وتسمى الثياب الناصرية ويلبسها النساء غالباً في الأفراح والمناسبات. هذا وذكر ابن هريش أنه يمتلك دلة للقهوة مصنوعة في تركيا قبل حوالي ثلاثمئة عام. جولة رائعة تلك التي جمعتنا بابن هريش في متحفه الذي كان مكتظاً بالمقتنيات المتنوعة، منها أدوات للزينة القديمة والحلي، وبعض الأعمدة المنقوشة التي كانت توضع وسط المنازل قديماً، كما يوجد في المتحف قرب جلدية والكثير من المقتنيات الأخرى.