على الرغم من الصعوبات التي يواجهها الطلاب المبتعثون في دول العالم إلا أنها تتلاشى مع الأيام، رغم كونها تختلف من شخص إلى آخر، هذا الأمر دفع ب"الوطن" للتواصل مع مجموعة من المبتعثين في جامعات أستراليا ليحكوا لنا عن يومياتهم وصعوباتهم خلال أيام الابتعاث. أغلبية المبتعثين في أستراليا اتفقوا على أن من أهم الصعوبات التي يواجهونها في البدايات ما يمكن تسميته ب"الصدمة الثقافية" التي يفاجأ بها الطلاب والطالبات لخروجهم من مجتمعهم المحافظ إلى مجتمع أكثر حرية، هذا عدا مشكلة حضانة الأطفال التي تعاني منها أغلب المبتعثات. واللافت للنظر أن أغلب مبتعثي أستراليا اتفقوا على أن سبب اختيارهم لأستراليا هو شعبها، فالجميع اتفق على أنه شعب مسالم اجتماعي، على الرغم من مواجهتهم لصعوبة اللغة والفيزا الخاصة بالدولة. "الوطن" التقت الطالب أحمد الهندي، طالب ماجستير في المحاسبة، والذي تحدث عن الصعوبات التي تواجه الطالب في بداية وصوله لبلد الابتعاث، ذاكرا منها عدم التكيف مع المجتمع المحيط بالطالب كالسكن ومعهد اللغة، وعدم تجاوز مرحلة اللغة والضغوط المتكررة من الملحقية لتجاوز هذه المرحلة. وعن اختياره لدولة الابتعاث قال الهندي: بالنسبة لي شخصيا وضعت أمامي عدة اختيارات للمقارنة بين ثلاث دول وهي أستراليا وبريطانيا وكندا، إذ وقع الاختيار على أستراليا بعد أن قرأت عنها وعن المجتمع بأنه ودود ومسالم. وأضاف متابعا أن عامه الأول كان يمثلا تحديا كبيرا لتجاوز الصدمة الثقافية والتداخل مع المجتمع، "وذلك لعدم معرفتي السابقة بأي شخص سواء سعودي أو أجنبي. كذلك تجاوز مرحلة اللغة، ولكن بالمجمل اعتبرها من أفضل سنوات العمر". ويعاني عبد اللطيف الملحم (ماجستير إدارة مالية "جامعة كيويوتي بأستراليا) من غلاء مراكز حضانة الأطفال في أستراليا، إذ تكلف تقريباً أكثر من نصف مكافأة الطالب إذا قدرنا مكافأة المبتعث مع زوجته المبتعثة معا، حيث بإمكانهما وضع أبنائهما في مكان آمن ومطمئن، لكي يركزا في محاضراتهما ودروسهما، "وقد سمعنا بخبر موافقة الوزارة على رفع مكافأة بدل الحضانة في أميركا إلى 500 دولار للطفل، ونحن الآن ننتظر حتى يأتي دورنا في ذلك". أما الطالب صلاح بندر البسام فقال إن الصعوبات التي واجهتها تكمن في السنة الأولى من الابتعاث، خصوصاً في التأقلم مع أسلوب الحياة الجديد، والتواصل مع أهل البلد بلغتهم، وفهم الأنظمة والقوانين. وقال: واجهت صعوبة في السكن منذ قدومي إلى أستراليا، ولاسيما أنني متزوج، وذلك في السكن مع عائلة أسترالية لفترة مؤقتة، فكان هناك صعوبة في الاندماج والتعايش على مستوى العائلة بشكل خاص، والناس هناك بشكل عام، كما أن الحصول على شقة مستقلة لعائلتي كان في غاية الصعوبة بسبب الأنظمة والقوانين المتبعة في أستراليا. ويقول البسام كذلك "إن من الصعوبات أيضا الحنين المستمر للوالدين والإخوة على وجه الخصوص والشوق للبلد الذي فيه ولدت وتربيت وشربت من مائه وتنفست هواءه.. فما أصعب تلك اللحظات وخاصة في البدايات". وعن سبب اختيار دولة الابتعاث قال: اخترت أستراليا رغبة مني في الدراسة في بلد متطور تعليميا ولديه قرابة 8 جامعات من أفضل 100 جامعة في العالم، والعيش في مجتمع يقبل ويندمج مع مختلف الثقافات وتعددها، فالتركيبة الاجتماعية للشعب الأسترالي متنوعة ومختلفة، ولذلك شعرت أنني سأكون مرتاحا هناك. وقال البسام إن السنة الأولى للمبتعث من أصعب وأجمل السنوات، ففيها يتذوق المبتعث مرارة تجاوز المرحلة الحرجة وهي اللغة مع حلاوة المغامرة لتحقيق الهدف، فمن الصعوبات تجاوز اختبار اللغة الإنجليزية (أيلتس) في وقت محدود، فالاختبار من الاختبارات القوية والمعقدة، والجامعات الأسترالية تطلب درجة مرتفعة لتتمكن من القبول. أما وائل الدربي فكانت له معاناة مختلفة وهي "الأكل" خصوصا أنه لا يتقن الطبخ فاعتمد في حياته على الوجبات السريعة، وقال الدربي "كان سبب اختياري للدراسة في أستراليا مشاكل التأشيرة بأميركا"، واستطرد قائلاً "أحمد الله أن دراستي كانت ممتازة رغم صعوبتها، لأن نظام الدراسة هنا مختلف تماما عن نظام التلقين الذي تعلمناه في مدارسنا". وأشار عبد الله الصالح إلى أن الصعوبة التي واجهته هي عدم فهمه لمتطلبات الابتعاث، ومنها تصديق الشهادة الثانوية من وزارة الخارجية، كذلك صعوبة طلب التأشيرة الأسترالية، "كونها تلزمنا بالكشف الطبي وتحديد المستشفيات التي تتواصل مع السفارات الأسترالية، ولمعرفة هذه التفاصيل كان اعتماد الطالب على نفسه في معرفته بالسؤال والتواصل مع الطلاب الذين ابتعثوا مسبقاً". وقال الصالح "كنت أريد الذهاب إلى أميركا، ولكن بسبب الوضع الأمني هناك، لا أنا ولا أهلي يريدون لي الضرر، والسبب الآخر أن أخي في أستراليا، ونصحني بجامعة كوينزلاند للتقنية في مدينة برزبن، كون دوراتها في تقنية المعلومات رائعة ويسيرة، ومليئة بالمواد الخاصة بتقنية المعلومات، رغم الصعوبة التي واجهتها مع اللغة الإنجليزية "الأسترالية "، كوننا تعودنا على اللهجة الأميركية بالأفلام، فكنت أشعر بالخجل كلما سألت أي أسترالي إعادة جملة ما عدة مرات". وقال عبد العزيز بن سليمان السويد (ماجستير إدارة موارد بشرية) إن أستراليا أرض خصبة للتعليم، ولأنها دولة متعددة الثقافات وخاصة الثقافة الآسيوية بحكم قربها من شرق آسيا، وقال إن العام الأول لكل مبتعث يحمل فيه أجمل الذكريات التي لا تنسى في حياتهم، لأنها تحمل الكثير من المواقف والتحديات التي تواجههم وأيضا تساعد على تنمية الذات والاعتماد على النفس بحكم الغربة والوحدة بعيدا عن الأهل والأصحاب.