يحلم المرشح للانتخابات الرئاسية المصرية عمرو موسى بتحقيق طفرة اقتصادية تخفض نسبة الفقراء من 50 % إلى 20% من إجمالي عدد السكان، خلال أربع سنوات. ووعد ببناء جمهورية ثانية تختلف ملامحها عن الجمهورية الأولى التي استغرقت 60 عاما. واعتبر في حوار مع "الوطن" أن مصر تحتاج إلى رئيس مدني قوي ينتمي إلى التيار الوطني يعيد الاستقرار والأمان لمصر داخليا وخارجيا، مشيرا إلى أن برنامجه الانتخابي ركز على فكرة المئة يوم الأولى لوضع لبنات الجمهورية الجديدة. وإلى نص الحوار: مرتكزات ما الملامح العامة لبرنامجك الانتخابي؟ برنامجي يركز على إيجاد حلول لكافة مشكلات مصر، بعد الإخفاقات في التعامل مع المشكلات المصرية، لأن الحكومات المتعاقبة التي لم أكن مشتركا بها، لم تفعل شيئا. وأقترح برنامجا على المدى القصير للأعوام الأربعة المقبلة، وآخر يتم وضعه ويكون طويل الأمد، بحيث سيؤسس دولة جديدة تكون جمهورية ثانية وليست امتدادا للجمهورية الأولى، وستكون مختلفة تماما عن الأعوام الستين السابقة. والبرنامج يضع الأساس لنظام رئاسي ديموقراطي دستوري، وسيحدث تغييراً في المؤسسات والإدارة، ويتيح استقلال القضاء وفصل السلطات. وعلى الصعيد الاقتصادي يهدف البرنامج إلى إحداث نمو اقتصادي خلال الأعوام القادمة من 5 إلى 10 أعوام. لست من الفلول هناك اتهامات بأنك كنت منتمياً للنظام السابق، فما تعليقك؟ آخر منصب رسمي توليته كان منصب وزير الخارجية، وخرجت من هذا المنصب منذ 11 عاما، وتحديدا في 2001، وبالتالي فقد انتهت علاقتي بالنظام السابق قبل سقوط نظام مبارك ب 11 عاماً. وعندما سقط نظام مبارك لم أكن من بين شخوصه أو أركان حكمه، فكيف أحسب على النظام السابق؟ أنا فخور بالسنوات العشر التي قضيتها كوزير لخارجية مصر، والشعب المصري لا يضع هذه الادعاءات في الاعتبار، خاصة أن كثيرا من الاتهامات تعد شخصية وليس لها علاقة بسياساتي. ومن يتهمني سبق له أن قام بالفعل باختيار عصام شرف رئيسا للوزراء رغم أنه كان أيضا جزءا من النظام القديم. وحتى وأنا وزير خارجية كانت لي مواقفي المخالفة لتوجهات وسياسات مبارك، وأبعدت عن وزارة الخارجية بسبب مواقفي تلك. مواقف قومية تقصد مواقفك من القضية الفلسطينية؟ نعم، وكما يعلم الجميع فإن مواقفي تجاه القضية الفلسطينية معلومة للجميع. وأول قرار لي على مستوى السياسة الخارجية بعد أن أتولى الرئاسة سيكون استئناف التأييد النشط للقضية الفلسطينية وقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف. ماذا عن القلق الإسرائيلي من صعود نجمك كرئيس لمصر، خاصة أن استطلاعات تشير إلى تقدمك؟ إسرائيل لا ترغب في أن يتولى رئاسة مصر شخص يدرك القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، كما لا ترغب في شخص يستطيع أن يقول "لا"، وحينما يقول "نعم" تكون وفقا لشروطه وليس لشروط مفروضة عليه من قبل أطراف أخرى. وعلينا اتباع سياسة متزنة في المنطقة. إننا نريد أن نعيد بناء وطننا، وهذه أولوية، لكن ذلك لا يعني أننا سنتخلى عن الفلسطينيين، فلديهم قضية عادلة لها صلة وثيقة بالأمن القومي المصري، وقد تهدد الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. موقفك من اتفاقية كامب ديفيد؟ اتفاقية كامب ديفيد اتفاقية إطارية، وأصبحت جزءاً من التاريخ، ومعاهدة السلام جزء من الاتفاقيات الدولية، وهي اتفاقية مصرية إسرائيلية سارية المفعول، ونحن سنحترمها، لكن بقاءها مرتبط باحترام الطرف الآخر لها. العمل مع الغالبية البرلمانية هل تتخوف من مسألة هيمنة الإسلاميين على البرلمان؟ لابد أن أعمل مع الأغلبية البرلمانية وبشكل إيجابي، ولن أقوم بتهميشهم، فبحكم كوني رئيسا سيكون لي رؤيتي، إلا أنني سأتشاور دوما مع هذه الأغلبية. سيكون هناك بعض الخلاف، لكن المسألة تتوقف على طريقة إدارة الأمور وكيفية قيام الرئيس بدوره كرئيس لمصر، ولذلك أعتقد أن مصر تحتاج إلى رجل دولة يحدث توازناً بين التيارات المختلفة فيها. مصر تحتاج إلى رئيس مدني قوي ينتمي إلى التيار الوطني. وعلينا أن نحافظ على الديموقراطية، لأن الأغلبية اليوم قد لا تكون أغلبية غدا، وبالتالي علينا الحفاظ على الديموقراطية وتقبل نتائجها، وألا نجعل تقبلنا لها مقصوراً على كونها ديموقراطية من نوع خاص، فمثل هذا النوع من الديموقراطيات هو أسوأ أنواع الحكم. وأعتقد أننا في حاجة إلى نظام رئاسي دستوري يفصل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وينظم العلاقة بينهما على أساس من التوازن الذي يحقق استقرار المؤسسات، ويضع الضوابط الخاصة بسلطات الرئيس، ويحدد مدة الفترة الرئاسية بأربع سنوات تجدد مرة واحدة فقط، يتوازى معها تفعيل سلطات البرلمان في التشريع والرقابة على أعمال الحكومة وإقرار الميزانية. درء الفتن كيف يمكنك مواجهة ملف الفتنة الطائفية؟ الأحداث التي شهدتها مصر حتى بعد الثورة تؤكد أن هناك أحداثا خطيرة تتطلب حلولاً سريعة وقوية، وفوجئت بعد أحداث ماسبيرو بمن يقول إن هناك مؤامرة خارجية وراء ما حدث، بينما أرى أن أحداث ماسبيرو تؤكد فشل المجتمع في التعايش. ما الحلول من وجهة نظركم كرئيس لمصر؟ يجب أن يكون هناك دستور يؤكد على منع التمييز بين الأفراد، وأن تكون هناك قوانين رادعة يحاكم بموجبها مثيرو الفتن الطائفية. ويجب إعادة الروح لثقافة تقبل الآخر، خاصة أن النظام السابق اعتاد التعامل مع الأزمات الطائفية بأساليب الجلسات وتقبيل الذقون متناسياً أن تلك الأحداث تخلف وراءها بقايا في النفوس. ويجب أن تكون المواطنة أساسا في الدستور الجديد لمصر، وأن تفعّل بصورة لا تجعل منها مجرد سطور في الدستور لا تنفذ على أرض الواقع. وقد تعهدت في برنامجي بأن تكون مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، على أن يحتكم معتنقو الشرائع السماوية الأخرى لشرائعهم الخاصة فيما يتعلق بالأحوال الشخصية، إضافة إلى حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية دون تمييز أو إقصاء بسبب الدين أو اللون أو الجنس. 100 يوم ركز برنامجك على فكرة المئة يوم الأولى، فما أحلامك التي تريد تحويلها لواقع في تلك الفترة؟ ما وضعته في برنامجي يستهدف الخروج بمصر من أزمتها الحالية عبر الإسراع في استعادة الأمن وإنهاء حالة الفوضى الأمنية وإعادة الانضباط، وإلغاء قانون الطوارئ، واتخاذ كل السبل لإيقاف نزيف الاقتصاد المصري. المئة يوم الأولى هي البداية، ويجب أن تكون قوية. أريد ببرنامجي أن يحصل الناس على حقوقهم، ولا ينتظروا الإحسان، مثلما فعلت بهم الحكومات السابقة. والخروج من الأزمة يبدأ بتحقيق أمن المواطن. والذي حدث هو فقدان الثقة بين المواطن والشرطة، فجهاز الشرطة مسؤول عن أمن المواطن وليس تعذيبه. الشرطة موجودة بأجهزتها، ولن ننشئها من العدم، وما نحتاجه هو تغيير طريقة التعامل مع المواطنين. عشنا من سنة 1952 في ظل حكم عسكري، ولا بد أن ينتهي هذا وأن نبدأ في حكم مدني مستقل، وأن تعود المؤسسة العسكرية لأداء دورها في حماية البلاد. وفي المئة يوم الأولى لا بد أن يكون هناك انسحاب تدريجي للجيش، وبسط لقوة الشرطة المدنية. وسيكون هناك انتقال للسلطة من الجيش إلى رئيس مدني بلا رجعة في ذلك. كما يجب أن تكون المئة يوم الأولى ورش عمل لكل الملفات، ليقدم خبراؤنا الحلول، على أن تحول إلى مجلس الشعب والوزراء في المئة يوم التي تليها للتطبيق. أستطيع أن أتحدث مع إخواننا لكي آتي بأموال لمساعدة مصر من أول يوم، ولكن ليس هذا ما أبدأ به، وإنما إيقاف الهدر والقضاء على الفساد. الرئيس أوباما قال لي إن هناك 20 مليار دولار جاهزة لمصر وتونس، وسنحصل عليها فور استقرار الأوضاع وعودة الأمن والبدء في إصلاح الاقتصاد. كما عبر رئيس الوزراء الإيطالي خلال لقائي به في القاهرة عن استعداد بلاده لدعمنا وإرسال السياح فور عودة الأمن واستتباب الأمور. الفقر العدو الأول وماذا عن أوضاع الفقراء والمهمشين؟ عندما يعيش حوالي 50% من المصريين تحت خط الفقر، فإن الفقر يصبح العدو الأول ويصبح انتشال ملايين المصريين من مخالبه المسؤولية الرئيسية. والهدف الأول للعهد الجديد يصاغ من أجله نموذج اقتصادي جديد، وتوضع من أجله خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية القصيرة والمتوسطة وطويلة الأمد، وتحشد له الطاقات حتى نصل بنسبة الفقراء إلى 20% بانتهاء ولاية الرئيس في عام 2016، ورفع متوسط دخول المواطنين إلى مستوى قريب من المتوسط العام للدخول بالدول المتقدمة. نحتاج في مصر إلى إصلاح مناخ الاستثمار، تمهيداً لتحقيق الانطلاقة الاقتصادية الكبرى لخلق خريطة اقتصادية جديدة لمصر من خلال 3 مشروعات، الأول هو مشروع تنمية قناة السويس وتحويلها من مجرد ممر ملاحي دولي تقتصر فائدة مصر منه على ما تتقاضاه من رسوم عبور السفن، ليصبح مركزا عالميا للتجارة والصناعة وتقديم الخدمات اللوجستية للسفن وصيانتها وصناعتها على غرار "روتردام" بهولندا وجبل علي في دبي. والثاني هو مشروع التنمية الشاملة لسيناء للخروج من الوادي الضيق الذي نعيش فيه، وخدمة الأمن القومي المصري، على أن يقوم هذا المشروع على تنفيذ المشروع القومي لتنمية سيناء الذي أعد عام 1994 بعد تطويره، بحيث تتكامل مشروعاته مع تنمية محور قناة السويس. والثالث هو مشروع تنمية الساحل الشمالي الغربي الممتد من البحر المتوسط شمالا وحتى منخفض القطارة جنوبا، ومن وادي النيل شرقاً وحتى الحدود الليبية غرباً، بحيث يركز على أنشطة الزراعة والصناعات الغذائية والسياحية والخدمات اللوجستية وتوليد الطاقة الشمسية، مع إنشاء تجمعات عمرانية تخدم الأنشطة المقترحة وترتبط بشبكة طرق إقليمية. المخاطر ما رؤيتك لملف الأمن القومي المصري؟ المخاطر التي تهدد أمن مصر القومي متعددة، وهي في تعريفي لا تقتصر على التهديدات التقليدية، بل تشمل أيضا أمن مصر المائي وأمن الطاقة والغذاء، ومن ثم فإن إدارة السياسة الخارجية المصرية يجب أن تمر بمفهوم شامل وواسع لتكون قيمة الاقتراب أو الابتعاد عن أي دولة من دول العالم على أساس المصالح المصرية أولا وقبل أي شيء. وهناك أيضا رؤية عربية تعتمد على التعاون مع الدول العربية لوضع أساس نظام عربي جديد تعود مصر من خلاله إلى ريادتها العربية. هل تؤيد ما قاله المرشح الرئاسي حمدين صباحي بأن أول قراراته هو عزل رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي؟ عندما يقول أحد المرشحين إن أول قراراته هو عزل المشير فهذا لعب على عواطف الناس الذين يهتفون بسقوط العسكر ومغازلة لأصواتهم. وعلينا أن نتحدث عن دعم القدرات العسكرية للقوات المسلحة المصرية بكل أجهزتها وفصائلها من خلال مشاركتها في مجلس الأمن القومي ورفع القدرات البشرية بها وتوفير الميزانيات المطلوبة للتسليح والتحديث والتطوير.