قد أكون أنا، قد تكون أنت، قد يكون ابني وابنك وشقيقي وشقيقك، وقد يكون جاري وجارك وأحد أفراد جماعتك وجماعتي وقبيلتي وقبيلتك، وقد تكون الضحية مواطنا مثلي ومواطنا مثلك وقد يكون مقيما وضيفا قادما من خارج الديار التي نقيم ونعيش عليها.. من بين جدران عنابر السجون ومن داخل مجتمع القضية والغضب تتكشف حقائق مذهلة تذهل العقول وتشيب الرؤوس عن الحقيقة المرة التي آجبرت ودفعت بعض أفراد مجتمعنا ذكورا وإناثا عقالا ومراهقين على قتل بعضهم بعضا دون خوف وخشية من غضب الخالق عز وجل ومن حد سيف عدالة الإسلام. في أحيان كثيرة تكون تلك الأسباب أسبابا دنيوية بحتة لا تساوي ولا تعادل يوما واحدا من أيام عذاب الوحدة والقهر والتفكير في المستقبل الغامض.. تفكير مطول يشوبه بعض الأمل المحفوف بمخاطر العفو عند المقدرة وفي انتظار بلوغ القصر سن الرشد.. قد يوافق أولئك الأيتام وقد لا توافق تلك الأرملة، وقد يرفض ذلك الأب وأولئك الإخوة والأخوات، وقد لا تتنازل تلك الأم التي غادر فلذة كبدها دنياه مقتولاً. تتزاحم السجون في وطننا بعدد كبير من أولئك الغاضبين الذين لم يتمالك أحد منهم نفسه عند الغضب وكانت اللغة الوحيدة للتخاطب مع أولئك الخصوم هي لغة القتل، لغة إزهاق الروح البريئة دون وجه حق، لغة النهاية غير السعيدة التي لن تريح أحداً ولن تعجب أحدا. بعضهم يقتل غيره بسبب أمتار قليلة من تراب الدنيا وبعضهم يزهق روح غيره بسبب كلام فاحش لن يقدم ولن يؤخر شيئاً على مستوى حياة الجميع. والبعض يصوب فوهة مسدسه الشخصي تجاه غيره بعرض الشارع العام بسبب خلاف عابر على أفضلية السير، ومنهم من يترصد لخصمه عند أبواب المحاكم وأقسام الشرطة ليسدد الطعنات الغادرة بين أضلع وأكتاف ضحيته ليرديه قتيلاً وفي الحال. توعية الأجيال الحالية والقادمة مسؤولية الجميع.. تبدأ تلك التوعية من الأسرة وتمر بالمنابر والخطب والمساجد وتعرج على التجمعات العامة والخاصة وتنتهي داخل أروقة المحاكم وأحكام القضاة، لتوعية الجميع بأن قتل الأنفس حدود حمراء لا يمكن تجاوزها بأي حال من الأحوال.