بدأت امرأة فرنسية أمس حملة الدفاع عن حقها في ارتداء النقاب وذلك في جلسة محاكمة عقدت في محكمة نانت الفرنسية بحضور المحامي الموكل عنها جين بولونو. ويأتي ذلك في الوقت الذي أشاد فيه رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون أمس بالإسلام في فرنسا قائلا إنه دين سلم وحوار وإن النقاب الذي تريد حكومته حظره في الأماكن العامة "انحراف عن الرسالة الدينية", وهو ما يشكل تناقضا في المواقف السياسية بين صانعي القرار في الحكومة الفرنسية. وتعود وقائع الحادثة إلى أبريل الماضي عندما غرمت الشرطة الفرنسية السيدة الفرنسية وتدعى "آني" وتبلغ من العمر 31 عاما لأنها كانت تقود سيارتها وهي مرتدية للنقاب. وأوقف رجل شرطة في مدينة نانت المرأة وطلب مراجعة أوراقها, وكشفت المرأة أيضا عن وجهها للشرطي للتأكد من شخصيتها. وطلب رجل الشرطة من المرأة دفع غرامة قدرها 22 يورو (29 دولارا) مبررا ذلك بأن النقاب يحجب الرؤية أثناء القيادة. ووصفت المرأة وهي فرنسية ترتدي النقاب منذ تسعة أعوام، هذا الأمر بأنه تفرقة عنصرية محضة ضدها وقالت إنها تعتزم رفع شكوى. وبالفعل تقدمت السيدة المتنقبة بتظلم ضد الشرطة الفرنسية أمام محكمة نانت (غربي البلاد) بعد أن فرضت عليها غرامة مالية قدرت ب22 يورو بسبب قيادتها لسيارتها مطلع هذا الشهر مرتدية النقاب بدعوى أن هذا الزي يؤثر على مجال رؤيتها ويعرضها للحوادث. وكانت السيدة قد تحدثت لإذاعة (فرانكو إنفو) قائلة إنها تقود سيارتها منذ تسعة أعوام مرتدية النقاب دون أن ترتكب حادثا مروريا واحدا. يشار أن عدد المنتقبات في فرنسا يتجاوز ألفي سيدة، وفقا لبيانات حكومية. معظمهن من الفرنسيات اللاتي تحولن إلى الإسلام واللاتي يشددن دائما على أنهن اتخذن بأنفسهن هذا القرار دون ضغوط. وأشاد رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون أمس بالإسلام في فرنسا معتبرا أنه دين "سلم وحوار" وأن النقاب الذي تريد حكومته حظره في الأماكن العامة "انحراف عن الرسالة الدينية". وقبل أيام من النقاش البرلماني حول النقاب الذي سيبدأ في السادس من يوليو، دشن رئيس الوزراء مسجد الإحسان في أرجنتاي (ضاحية بباريس حيث يعيش نحو 28 ألف مسلم) في أول مبادرة من نوعها لرئيس حكومة. وأمام العديد من ممثلي مسلمي فرنسا المستائين مما دار من نقاشات حول الهوية الوطنية والنقاب، أكد فيون أن "حقيقة إسلام فرنسا اليوم" تتمثل في "إسلام سلم وحوار"، إنه دين "اعتدال" يمارس في ظل احترام "مبادئ الجمهورية". وفي الوقت نفسه اعتبر أن "عدو اللحمة الوطنية" هو "الانكفاء الطائفي" ومن أخطر أشكاله "التطرف الديني". وقال رئيس الوزراء إن "تقمص صورة حالكة ومتعصبة، يمثل الأشخاص الذين يخفون وجوههم بدعوى عقيدتهم، هم بوعي أو بدونه، أعداء إسلام فرنسا الذي تساهمون في بنائه" داعيا المسلمين إلى الوقوف ضد "هذا الانحراف في الرسالة الدينية". وتقول السلطات إن عدد النساء اللواتي ترتدين النقاب أو البرقع لا يتجاوز 2000 في فرنسا من أصل ما بين خمسة إلى ستة ملايين مسلم. ويحظر مشروع القانون المطروح على البرلمان النقاب في الفضاء العام تحت طائلة غرامة ب150 يورو أو فترة تأهيل للحس المدني كما يواجه أزواج ورجال اللواتي يرتدينه حكما بالسجن سنة وغرامة قدرها 15 ألف يورو. وانتقدت الجبهة الوطنية أبرز تشكيلات اليمين المتطرف، أن يدشن رئيس الوزراء مسجدا. وقال بيان للجبهة التي يزعمها جان ماري لوبن "مر زمن طويل لم يدشن أحد أكبر مسؤولي الدولة مكانا عبادة. ويعود ذلك إلى عهد الإمبراطورية الثانية (1852-1870)، لكن اليوم سنة 2010 يدشن رئيس الوزراء فرانسوا فيون مسجدا". في حين أعلنت المفوضية الأوروبية أمس أن الاتحاد الأوروبي لا ينوي سن قوانين بشأن ارتداء النقاب والبرقع في الأماكن العامة لأن هذا القرار من القرارات السيادية للحكومات. وقالت المفوضة الأوروبية المكلفة بالشؤون الداخلية سيسيليا مارلمستروم في مؤتمر صحفي مع وزير الداخلية الإسباني الذي تتولى بلاده حاليا رئاسة الاتحاد الأوروبي "لا أرى ضرورة لسن قانون حول النقاب". من جانبه أعلن وزير الداخلية الإسباني الفريدو بيريث روبلكابا أن الحكومة الاشتراكية الإسبانية تنوي أن تدرج، في إطار قانون مقبل حول "الحرية الدينية"، بندا يحد من ارتداء النقاب والبرقع في الأماكن العامة. لكنه أوضح "أنه قرار من السياسة الداخلية". وتستعد بلجيكا لمنع النقاب في جميع الأماكن العامة بعد أن أقر مجلس النواب في أبريل الماضي مشروع قانون في هذا الشأن ينتظر أن يقره مجلس الشيوخ. ومن المقرر عرض مشروع قانون مشابه على البرلمان الفرنسي في يوليو.