يمكن وصف العام 2011 في العراق بأنه عام التحرر من الاحتلال الأميركي، ولكنه أيضا عام عودة نشاط المجاميع المسلحة كأبرز التحديات في مرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي. فضلا عن إمكانية استنساخ النموذج الإيراني في إدارة النظام، نظرا لارتباط معظم القوى المنضوية في التحالف الوطني الحاكم بعلاقات تاريخية مع طهران. ومع إعلان قوى عرفت بأنها مازالت تحتفظ بأجنحتها العسكرية، تمسكها بالعملية السياسية ونبذ العنف إلا أنها لم تستطع تبديد المخاوف من احتمال اللجوء إلى السلاح في حال فقدان مكاسبها. التيار الصدري: التصعيد سياسي رئيس كتلة الأحرار الممثلة للتيار الصدري بهاء الأعرجي بدد تلك المخاوف وقال ل"الوطن": "لدينا رؤية تختلف عن بقية المواقف التي عبرت عن مخاوفها من تراجع الأمن بعد الانسحاب، فمن يقول إن الملف الأمني سوف يتدهور، فهذا غير صحيح، ولكن أن يحصل ذلك على الصعيد السياسي فأمر وارد، والتيار الصدري أعلن تجميد جيش المهدي قبل أشهر، وبعد الانسحاب لا يوجد مبرر بعد اليوم لأي نشاط مسلح، خصوصا أن معظم الأطراف مشاركة في الحكومة"، مضيفا أن مرحلة ما بعد الانسحاب، ستشهد انحسارا ملحوظا للمجاميع التي وصفها بأنها تاجرت بالدماء العراقية. وقال "هناك الكثير من الجماعات ادعت المقاومة، وتاجرت بالدماء العراقية، تنفيذا لأجندات خارجية ودُعمت، وهذا الدعم سيتوقف عندها ينتهي مشروعها في العراق وسينحسر نشاطها في المستقبل". أما عضو "كتلة المواطن" المنضوية ضمن التحالف الوطني النائب علي شبر، فأعرب عن اعتقاده بأن الحد من نشاط المجاميع المسلحة، يرتبط بمدى تحقيق مبدأ حصر السلاح بيد الدولة. وقال "يعتمد الأمر على الجماعات المسلحة نفسها، ومدى قناعتها بأن مبررات مقاومة القوات الأميركية انتفت بانسحابها، وعلى الدولة أن تكون قوية وتحصر السلاح بيدها". وأعربت عضو مجلس النواب عن "القائمة العراقية" ناهدة الدايني عن اعتقادها بأن خطوات الحد من نشاط الجماعات المسلحة يجب أن تكون عبر تفعيل مشروع المصالحة الوطنية بشكل حقيقي إذ إن "لا أحد يستطيع التكهن بهذا الموضوع، وقد يدخل العراق في نفق مظلم، ولا بد من تعزيز قدرات الأجهزة الأمنية وحسم ملف وزارتي الدفاع والداخلية، لحفظ الأمن والاستقرار، فضلا عن تفعيل الجهد الاستخباري، وهناك جانب آخر يتعلق بتفعيل المصالحة الوطنية على أن تسهم فيه جميع الأطراف المشاركة في العملية السياسية ولا يقتصر على الجانب الحكومي بهذا الشأن لأنها فشلت في توسيع قاعدة المشاركة". استنساخ النموذج الإيراني وفي ظل نفوذ رجال الدين من طائفة معينة على القرار السياسي، وإمكانية استنساخ التجربة الإيرانية لقيادة النظام في البلاد أبدت القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي قلقها من غياب تحديد هوية الدولة. وفي هذا الصدد يقول النائب فلاح حسن زيدان إن قائمته تشعر بالقلق من احتمال اتساع النفوذ الإيراني عبر بعض الأحزاب المشاركة في الحكومة الموالية لإيران في مرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي، مطالبا بتعديل الدستور لتحديد هوية الدولة، وأضاف "الدستور يحتاج إلى تعديل واضح لأن وضع الدولة على أساس ديني هل سيكون شيعيا أم سنيا، والأمر لم نستطع حسمه إلا بتوافق على تشكيل الدولة على أساس مدني، والحد من الأحزاب الموالية لإيران، لأنها تحرص على استنساخ النموذج الإيراني في إدارة النظام". التحالف الوطني الذي يقود الحكومة بقواه الدينية المنضوية تحت مظلته كان له موقف آخر، فالنائب عن كتلة الأحرار الممثلة للتيار الصدري جواد الجبوري طالب بالتمسك بما ورد في الدستور بخصوص احترام الهوية الدينية للدولة العراقية حيث "نص الدستور العراقي على أن الدين الرسمي للدولة هو الإسلام وأي مشروع آخر يجب أن يحترم حرمة الدين الإسلامي". ويرى عضو كتلة المواطن الممثلة للمجلس الأعلى الإسلامي النائب عامر الفائز أن دور رجال الدين كان إيجابيا في ضمان تعزيز مسار العملية السياسية "يرعى رجال الدين كل العراقيين والمراجع لم يقتصر دورها على مذاهبها، ونرى التيار الإسلامي حقق حضورا في الوطن العربي بشكل كامل، وتوجه المواطنين يأتي من خلال الالتزام بمرجعياتهم الدينية". أما عضو ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الحكومة نوري المالكي النائب حسين الأسدي فوصف وجود رجال الدين في الدولة بأنه ذو طابع مدني "شكل الدستور هوية الدولة العراقية على مجموعة من الأسس من بينها الشريعة الإسلامية والمبادئ الديموقراطية، وحقوق الإنسان، ووجود رجال الدين في الدولة مدني، شأن المنظمات وبقية المواطنين".