يتساءل الوسطان السياسي والشعبي في العراق عن جدية المساعي لسحب الثقة من حكومة نوري المالكي خصوصاً مع توالي تسريبات إعلامية عن ترشيح التيار الصدري قصي السهيل، القيادي في الهيئة السياسية للتيار، لمنصب رئيس الوزراء مقابل ترشيح القائمة العراقية عادل عبدالمهدي، القيادي في المجلس الإسلامي الأعلى. من جانبه، يؤكد القيادي في ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس مجلس الوزراء، سامي العسكري، أن المساعي لسحب الثقة عن المالكي من قِبَل القائمة العراقية ليست جديدة، وإنما هي بدأت منذ اليوم الأول لتشكيل الحكومة الحالية، ويضيف العسكري أن “العراقية” تحمست لعقد اللقاء الوطني قبل القمة العربية وأبدت مرونة كبيرة من أجل ذلك، ولكن كان هدفها فرض شروط من خلال القمة التي أدى نجاحها إلى تغيير في موقف القائمة وقسم من التحالف الكردستاني، فبدأوا وضع شروط جديدة. وكانت تصريحات إعلامية أشارت إلى مباحثات سرية بين التيار الصدري وائتلاف العراقية والتحالف الكردستاني والمجلس الأعلى لسحب الثقة عن حكومة نوري المالكي، لكن تعليمات جديدة نقلها، حسب مصادر عراقية مطلعة، النائب السابق أبو مهدي المهندس، أبرز الشخصيات العراقية قربا من مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي، إلى قيادات التحالف الوطني، جعلت المجلس الأعلى يجدد دعمه للمالكي. ونفى عضو المجلس الأعلى، النائب حبيب الطرفي، المنضوي تحت مظلة التحالف الوطني، وجود مباحثات مع ائتلاف العراقية والتحالف الكردستاني لسحب الثقة من المالكي وترشيح أحد أعضاء التحالف بدلاً عنه. كذلك فعل التيارالصدري بتصريح واضح باسم رئيس الهيئة السياسية، نفى فيه أن يكون التيار رشح قصي السهيل لمنصب رئيس الوزراء أو أن تكون هناك مشاورات مع كتل أخرى في هذا الموضوع. وكان رجل الدين الشاب مقتدى الصدر أمطر المالكي بالاتهامات أبسطها “الدكتاتورية”، لكن التدخل الإيراني، أوقف هذه التداعيات، وأولم الصدر في منزله في طهران وليمة غداء على شرف المالكي الزائر لها بحضور شخصيات إيرانية مؤثرة، وانتهت الوليمة بزيارة المالكي لمقر آية الله محمود شاهرودي، رجل الدين الإيراني النافذ من أصل عراقي، لكي يعود الحديث عن مبايعة حزب الدعوة بأجنحته المختلفة ل “الولي الفقيه” خامنئي، ويوافق الشاهرودي على قبول طلب أجنحة حزب الدعوة بتوليه موقع “المرشد الديني” لها، بعد وفاة مرجعها السابق حسين فضل الله. بدوره، بيَّن النائب عن التحالف الكردستاني، محمود عثمان، ل “الشرق” أنه في حال عدم وصول الكتل السياسية إلى رؤى موحدة سيكون سحب الثقة من المالكي مطروحا لا محالة. وقال عثمان إن أي شيء رسمي يدل على وجود حراك لسحب الثقة من المالكي حاليا غير موجود لا سيما أن سحب الثقة لابد وأن يمر عبر مجلس النواب أولا وهذا غير موجود في الوقت الحالي، مشيرا إلى أن الجانب الكردي مازال لديه ذات المطالب ولم تتغير أبدا كونه متمسكا بالدستور، فضلا عن ورقة المطالب الكردية الموقعة بين برزاني والمالكي منذ عامين وهي مازالت موجودة إضافة إلى اتفاقات إربيل. من جانبه، توقع النائب عن ائتلاف دولة القانون، محمد سعدون الصيهود، في حديثه ل “الشرق” بقاء خارطة التحالفات الحالية على ما هي عليه طالما أن التحالف الوطني متماسك وقوي إلى حد كبير، حسب قوله، وقال الصيهود إن تماسك التحالف أفشل الكثير من المخططات التي كان يحاول البعض أن يسعى خلفها لتمرير ما سمَّاه مخططات خارجية لا تريد للنظام الديموقراطي في العراق الخير، مؤكدا أن كل من يلهث وراء هذا الموضوع سيجد مصدّات متعددة في وجهه من أهمها قدرة التحالف الوطني على مواجهة هكذا تحديات فضلا أن القوائم الساعية إلى هذا الأمر كالعراقية هي الآن مجزأة و تعاني من انقسامات متعددة.