لا يزال الحوار في الولاياتالمتحدة مستمرا حول ما إذا كانت العقوبات الأميركية والدولية ضد إيران تؤثر بالفعل بالقدر الكافي الذي يمكن أن يؤدي إلى إقناع طهران بأن ثمن رفضها التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن برنامجها النووي غدا ثمنا باهظا وأن الحكمة بدء السير على الدرب الآخر أي درب طمأنة المجتمع الدولي على نحو عملي حول المآل الحقيقي لذلك البرنامج. ومن بين من يرون أن العقوبات تؤثر بقوة نائب مستشار الأمن القومي توم دونيلون، وأحد المسؤولين الكبار الأكثر قربا من الرئيس باراك أوباما. فقد قال دونيلون الأسبوع الماضي في كلمة ألقاها أمام معهد بروكينجز إن العقوبات أدت إلى قدر كبير من الإنهاك لحق بالاقتصاد الإيراني وإن طهران معزولة نسبيا على المجتمع الدولي. وتعاقبت في نفس الوقت علامات تدل على مدى المصاعب التي يواجهها قطاع الطاقة الإيراني إذ ألغت واحدة من كبريات الشركات البولندية العاملة في استخراج الغاز الطبيعي مشروعا لها في إيران بعد مفاوضات امتدت إلى نحو 5 سنوات حسب قول صحيفة "نيويورك تايمز"، فضلا عن ذلك شركة روسية نفت صحة بيان رسمي إيراني يفيد بأن الشركة خصصت مليار دولار للاستثمار في حقل نفطي توقف عن العمل على الرغم من وجود احتياطيات نفطية كبيرة به تحتاج فقط إلى الاستثمارات والتكنولوجيا لاستخراجها. وأقر نائب وزير النفط الإيراني أحمد كاليباني أول من أمس، كما نقلت الصحف الإيرانية بتراجع الاستثمارات في مجال النفط مما أدى إلى انخفاض إنتاج العام الحالي عن العام الذي سبقه، فيما لا تزال الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي يبحثان فرض عقوبات على صادرات إيران من النفط إلى أسواقهما وربما إلى أسواق دول حليفة أخرى في آسيا مثل اليابان وكوريا الجنوبية مما يمكن أن يهدد بوقف نصف الصادرات الإيرانية ومن ثم إصابة إيران بحالة من الشلل الاقتصادي الكامل. يذكر أن إيران أنتجت نحو 4 ملايين برميل يوميا في عام 2010 ثم 3,5 ملايين برميل يوميا في العام الجاري كمتوسط عام. كما أن حاكم المصرف المركزي الإيراني محمود بهماني أعلن أن تأثيرات العقوبات تفوق تأثيرات الحرب وأن على إيران أن تتصرف كبلد يخضع للحصار. وطبقا لتحديد مدى فعالية العقوبات يمكن التوصل إلى تحديد طبيعة الخطوة التالية وما إذا كانت تحتاج إلى مزيد من العجلة لفرض المزيد من العقوبات مثلا إذ إن الأمر كما يضعه الخبراء الأميركيون هو سباق مع الوقت لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي. وفي حالة الاتفاق الدولي على فرض عقوبات نفطية على إيران فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى مصاعب جمة داخلية هناك كما أنه يمكن أن يؤدي إلى تصعيد حاد في التوتر الإقليمي والدولي. إلا أن كثيرين في واشنطن يقولون إن طهران لم تترك للعالم سبيلا آخر.