"علياء" معلمة تزوجت ورزقت بأربعة أبناء، وبعد وفاة زوجها في حادث تعرضت لضغوط من قبل أهلها، وأجبرت على الزواج من آخر، إذعانا للعادات والتقاليد التي ترفض بقاء المرأة المطلقة، أو الأرملة دون زواج. تقول "حتى أتخلص من القيل والقال قررت الزواج برجل متزوج، ووجدت أنه مناسب لي، ولكن زلات اللسان غير المقصودة تسببت في شقائي، فقد كنت أترحم باستمرار على زوجي السابق، وسبب لي ذلك العديد من المشاكل مع زوجي"، مشيرة إلى أنها لا تستطيع تفسير ذلك النوع من الغيرة غير المبررة أو المنطقية. وأكدت أن على الزوج أن يتفهم بشكل أو بآخر أنه لا يمكن لزوجته أن تمسح ذكرياتها السابقة مع زوجها المتوفى، خاصة إذا ما كانت معاملته طيبة، مضيفة أن الغيرة من الأموات لا يمكن تقبلها. ولكن "علياء" رغم رفضها هذا الموقف من زوجها، تشتكي في المقابل من أن زوجها لا يتوانى للحظة عن تذكر طليقته، دون أن يحترم شعورها، بل ويقارن بينها وبين زوجته السابقة التي مازالت على قيد الحياة. هكذا تتغلب العفوية على شخصية الزوج أو الزوجة، فيتحدث كل طرف عن زيجات سابقة له، بشكل أو بآخر، دون أن يدري أن هذا يثير المشاكل الزوجية، ويهدد كيان الأسرة، خاصة للمرأة التي تتحدث عن أرملها أمام زوجها الجديد. وترى "هيا" وهي ممرضة، أن المرأة الذكية هي التي تستطيع الموازنة بين زيجتيها السابقة والحالية، وتقول "بعد فشلي في زيجتي السابقة، تزوجت، ولكني لا يمكن لي التحدث عن زواج مضى احتراما لزوجي الحالي، وحتى لا أثير غيرته". أما فاطمة فتروي تجربة أخرى، وتقول "زوجي أرمل، شاءت الأقدار أن تتوفى زوجته بعد سنة من الزواج، وهو لا يتوانى للحظة عن ذكر صفاتها أمامي، وكثيرا ما يردد أنها كانت تتمتع بقدر وافر من الجمال، والمعاملة الحسنة، والذوق الرفيع، وبطبيعة الحال وكأي امرأة ينتابني شعور من الغيرة الكبيرة، ولكنني أتمالك شعوري، وأسيطر على انفعالاتي، وأقدر حزنه على زوجته المتوفاة، ولا أناقشه في الأمر، وأتركه يعبر عن عواطفه بكل أريحية، حتى لا تتحول تلك الانفعالات الخفية إلى كبت نفسي يؤثر على حياتنا الزوجية". وأشارت إلى أن على المرأة أن تدرك أن انفعالات الرجل تختلف عن انفعالات المرأة، والمرأة الصالحة هي التي تسعى إلى إسعاد زوجها بغض النظر عن حياته السابقة، وكذلك الرجل. الطالبة الجامعية "فاتن" تقول إن "الحديث عن الزيجات السابقة يضر ولا ينفع، خاصة بالنسبة للمرأة، فبحسب مجتمعنا فإن الرجل لايمكن أن يتقبل إن تتحدث زوجته عن طليقها أو زوجها المتوفى، ولكن ما يثير استغرابي هو أن الرجل يتحدث وبكل تفاخر عن زيجاته السابقة، بينما المرأة لا يحق لها ذلك". من جانبها أكدت الأخصائية الاجتماعية مطيعة الغامدي على أن "الرجل في مجتمعنا لا يقبل أن تتحدث زوجته عن زيجاتها السابقة، وهذا الأمر قد يختلف من رجل إلى آخر، فمنهم المتفهم الذي يؤمن بالتجارب الزوجية السابقة، وقد يناقش مع زوجته تلك الخبرات، ويكون محترما ومتفهما لانفعالاتها، خاصة إذا كان زوجها متوفيا، ومن الرجال من لايقبل أن تتفوه المرأة بأي شيء عن خبراتها السابقة في الزواج بشكل أو بآخر، وهنا لابد وأن تتفهم الزوجة طبيعة زوجها، وأن تبتعد عن كل ما يهدد كيان أسرتها". وتستطرد الغامدي قائلة: إن "الغيرة من الأموات سواء من قبل الزوج أو الزوجة تكون بحسب طبيعة الشخص، فبعض الأزواج أو الزوجات لا يسيطر على مشاعره، ويتملكه الغضب من ذكريات الزيجات السابقة". ونصحت الأزواج بأن يتحلوا بالعقلانية، ويحترم كل منهما مشاعر الآخر، ويدركوا أن تلك الذكريات عابرة لا تتعدى البوح بها، مشيرة إلى أنه لا يمكن لعاقل ومتزن أن يشعل نار الغيرة، ويجري مقارنات بينه وبين آخر رحل عن الدنيا.