عدة ضربات وجهتها عاملة إندونيسية بساطور إلى رأس كفيلتها كانت كفيلة أن تنهي حياة الأخيرة قبل وصول فرق الإسعاف، فيما أقفلت مواطنة باب غرفة نومها على زوجها وهو نائم لكن بعد أن أغرقتها بالبنزين وأشعلت عود ثقاب، وبداعي السرقة قتلت عاملة سيريلانكية كفيلتها، وأختان قامت إحداهما بطعن سيدة في رقبتها، والأخرى أمسكت ابنتها لمنعها من طلب النجدة، وسرقتا حليهما وهربتا، وزوجة أب في الطائف اتهمت بتعذيب ابن زوجها ذي الأربعة أعوام وقتله، مروراً بالكثير من الجرائم البشعة التي ارتكبها "الجنس الناعم، أواللطيف"، والتي كان آخرها ما قامت به الشقيقات الأربع في حفر الباطن، من قطع رأس أخيهن "العشريني" وطعنه عدة طعنات، وما زال التحقيق جارياً في القضية التي أفزعت الكثيرين. "الوطن" تفتح ملف جرائم النواعم، التي لا تعرف الجنسية أو العمر، وتثير الكثير من الجدل في المجتمعات العربية، بل وتمثل خطراً أمنياً واجتماعياً كبيراً، الأسباب فقط هي التي اختلفت من قصة إلى أخرى. الضغط والغيرة تقول الموظفة أمل باوزير"الضغط الشديد على المرأة يدفعها إلى ارتكاب الجريمة؛ خصوصاً القتل، مما يفقدها التفكير العميق في ردود أفعالها تجاه من يشكل سلطة عليها، فتفقد الوعي، وتعمل على التخلص من المشكلة، وبترها من دون محاولة حلها، أو الصبر عليها، لأنها تتعرض للضغوط والغيرة والمشاكل، أكثر من الرجل مما يفقدها التفكير". وتؤكد ربة البيت سحر البوبكر أن "المرأة أضعف من أن ترتكب جريمة، فالنساء عموماً كما وصفهن الرسول "قوارير"، فهناك الكثير منهن لا يجدن من يستمع إليهن، أو حتى أن ينصفهن ويأخذ حقهن، وإن لجأت المرأة للجهات الرسمية طلبوا منها حضور ولي أمرها". وتتساءل البوبكر "كيف يطلب ولي أمر الشاكية، وهو من يعنفها، وحتى إن لجأت إلى دور الفتيات، فهم لا يحققون مطالبها في أخذ حقوقها بشكل سريع، وقد يصل الأمر إلى سنوات، فمن يلومها حينها بأخذ حقها، المرأة ذات تحمل وصبر، لكنه مرتبط بمدى ثقافتها وفهمها، وهناك من ليس لديهن هذا الوعي فيلجأن إلى تنفيذ الحكم بأنفسهن، وأطالب أن نسمع أكثر للمرأة، وأن ننصفها في مجتمعها الذي تعيش فيه، خصوصاً من أسرتها، حتى لا تتكرر جريمة مثل جريمة حفر الباطن، حيث قتلت الشقيقات أخاهن". الرجال يدافعون بعد أن اتهم عدد كبير من النساء اللاتي التقتهن "الوطن" الرجال بأنهم السبب الرئيس والدافع لارتكاب الجرائم، وجب طرح رأي الجانب الآخر "الرجل" المتهم.. والغريب أن عدداً من الرجال وقفوا في صف المرأة والدفاع عن حقوقها؛ إذ أرجع مصمم الجرافيك عثمان الوجيه أهم سبب لجرائم النساء إلى ما تتعرض له من "ضغوط واضطهاد من قبل ولي أمرها،وكذلك تهميشها واستغلالها في بعض الأمورغيرالأخلاقية، وسلب حقوقها المشروعة، وعدم شعورها بالأمان، وإشعارها الدائم بأنها مخلوق ليس له أهمية، مما يجعلها في حالة اكتئاب وخوف دائم من المستقبل، وقد تكون بسبب التغيرات الداخلية الفسيولوجية (قبل فترة الحيض) التي يجهلها كثير من الآباء والإخوان والأزواج، والتي تجعلها في حالة اكتئاب تؤدي ببعضهن إلى القتل." أما الموظف الإداري عمر الحكيم فيقول "قتل الأب أو الأخ أمر صعب جداً، ولا يمكن أن يتحقق في حال تصرف طبيعي، فإما أن يكون الفاعل سواء كان رجلا أو امرأة، تحت تأثير عوامل خارجية، أو بالخطأ، حتى لو فرضنا وجود ظلم الأخ أو الأب، فسيكون بالتالي ظلما فوق العادي، بمعنى أنه لا يوصف، ولا يحتمل، فهو السبب الوحيد الذي تتخذه المرأة في تلك المرحلة، خصوصاً أن المرأة ضعيفة، ولديها قدرة تحمل عظيمة، فإن فاض بها الكيل، فمن الممكن أن تلجأ للقتل." رجل الأعمال محمد باسلامة يرى أن خيانة الزوج أهم الأسباب في لجوء المرأة للقتل، وقال "أصبحنا في زمن نسمع دائماً أن هناك نساءً اتخذن الجريمة سلاحهن، وسمعنا كثيرا عن زوجات يقتلن أزواجهن، ويمزقن أجسادهم وحرقها، أو أي طريقة بشعة للانتقام، وقد أوقعت هذه الظاهرة علماء النفس في حيرة، وهم يحاولون تفسيرها، أو معرفه أسبابها، من حيث إن معظمهن يتعرضن للعنف النفسي بصورة يومية، وتزداد هذه الحالات لضعف إيمانهن بالله." ترسبات الطفولة الترسبات النفسية والضغوط الاجتماعية في بيت العائلة يبدو أنها السبب وراء ارتكاب النساء الجريمة، إذ أرجعت الاختصاصية النفسية الجوهرة القحطاني أسباب إقدام المرأة على ارتكاب مثل هذه الجرائم إلى "وجود ترسبات ومشاكل منذ الطفولة في منزل عائلتها أدى إلى الكبت، وعندما تتزوج تتولد مشاكل جديدة في حياتها، مما يؤدي إلى ردة فعل عكسية توصلها إلى أعلى مراحل العنف، وتسببت حينها بهذه الجرائم". وأكدت الجوهرة "أن لو وجدت المرأة ما ينفس عنها من أنشطة وأعمال تساعدها على إطلاق طاقتها المكبوتة، وتفريغها في مهارات بطريقة إيجابية، لما وقع الكثير من الجرائم، إضافة إلى أننا لا ينبغي أن ننسى الوازع الديني والمعنوي الذي تفتقده من الذين حولها، كما أن هناك بعض الحالات كان سببها المخدرات والكحول ورفيقات السوء، مما يجعل المرأة تغوص في مستنقع الجريمة، وكل هذه عوامل مساعدة للجريمة، كما أن ما ينقل من الإعلام المرئي من أفلام ومسلسلات تحوي الكثير من العنف والأفكار الإجرامية، والسلبية ساعد في ظهور هذه الجرائم وزيادتها في الوقت الحالي." بحث عن الحقوق وأرجع أستاذ الخدمة الاجتماعية المساعد في جامعة الملك سعود الدكتور عبدالعزيز الدخيل أسباب ارتكاب "النواعم" للجريمة إلى المجتمع، وقال "عدم إعطاء المرأة حقوقها يدفعها للجريمة، لكنه لا يعد دافعاً للجريمة، بدليل أن هناك الكثير من السيدات تعرضن لهضم الحقوق، وضغوط من الرجل، ولم يرتكبن جريمة"، ويعلل ذلك بوجود عوامل أخرى تساعد على ارتكاب الجريمة، وهي تتضافر وتتفاعل مع بعضها، موضحاً "أن المرأة قد ترضى بالضغط حتى تصاب بأمراض نفسية، وقد تصاب بهستيرية من جراء صبرها على الذل والمهانة حتى تنفجر وترتكب جريمة." ويوضح الدخيل أن "جرائم المرأة مختلفة عن جرائم الرجل؛ فقد تكون جرائمها في السلوك والأخلاق، وقليل ما نجد جرائم قتل وابتزاز ترتكبها المرأة، مقارنة بالرجل"، ويفسرالدخيل ذلك بقوله "هناك جانب اجتماعي لدى المرأة، وهي لديها جوانب العاطفة والرقة والمشاعر التي تمنعها من ذلك، ولكن إذا نظرنا عن قرب للمرأة المجرمة، لوجدنا لديها عوامل أخرى مثل المشاكل في الشخصية كالاضطرابات النفسية والسلوكية." ظروف قاسية إلى ذلك، يوضح أستاذ العلاج الأسري في جامعة أم القرى الدكتور محمد القرني "أن لكل سلوك مثيراً، والسلوكيات السلبية تحمل في طياتها الجانب السلبي وليس الإيجابي، فأي إنسان سواء كان امرأة أو رجلاً، إذا وصل إلى حد معين من قسوة الظروف، بطريقة لا يحتملها، يجد أن خلاصه ونهاية معاناته في التخلص من سببها، ويقتنع في فكره وعقله أن هذا هو الحل، هو ما يحقق له الراحة النفسية"، مضيفاً "أن بشاعة الجريمة ترجع إلى حجم المعاناة التي يواجهها مرتكبها، فالسلوك الظاهر نتيجتها". ويرى استشاري الطب النفسي الدكتور سعيد كدسة أن بطالة النساء قد تدفع بعضهن إلى ارتكاب الجريمة بسبب الحاجة المادية، خصوصاً إذا لم يكن هناك دعم اجتماعي ونفسي لهن، لأن مثل هذه الفئة دائمًا تقارن نفسها بالعاملات، ومستوى المعيشة لهن، وهذا بحد ذاته يؤدي إلى إحباطهن. 60% أخلاقية وأثبتت الدراسات الاجتماعية أن المرأة تتأثر كغيرها بالمتغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، مما يرفع معدلات الجريمة لديها، وإن كانت الدراسات السعودية ركَّزت على الجرائم الأخلاقية، والتي مثلت نصيب الأسد من الجرائم التي ترتكبها النساء، بنسبة تفوق 60%، إلا أن جرائم القتل التي تصنف على أنها جرائم عنف حظيت بالاهتمام، خصوصاً أن نسب ارتكاب هذه الجرائم في ازدياد. في أحدث دراسة أعدتها الباحثة بسمة السناري، تناولت العوامل الاجتماعية المؤدية إلى ارتكاب المرأة الجريمة، وأكدت أن 22.9% من الفتيات يرتكبن جرائم العنف "القتل، الخطف، حرق وجه الزوج"، أي أن ربع حالات الجرائم المرتكبة من قبل النساء هي جرائم عنف تصل للقتل. وخلص بحث ليوسف الرميح يهدف إلى التعرف على السمات الشخصية عند النساء مرتكبات الجريمة، ومدى ارتباط تلك الخصائص والسمات بميلهن للانحراف وارتكاب الجريمة، كما هدفت إلى التعرف على أهم العوامل الاجتماعية والمرتبطة بميل النساء لارتكاب الجرائم، كنوع البيئة والعلاقات الأسرية والحالة الاقتصادية، والعلاقة مع الصديقات، ووقت الفراغ، وكيفية استغلاله عندهن، ومحاولة التعرف على نوع البرامج والمواضيع التي يتابعنها، والتعرف أيضاً على مستوى التدين ومستوى التوافق الزوجي لدى المتزوجات منهن. تفكك أسري وأظهرت النتائج أن التصدع والتفكك الأسري له دور وارتباط بميلهن للانحراف وارتكاب الجريمة، فمعظمهن عشن في بيئة متصدعة مادياً وعاطفياً وخلقياً، وأن معظم السجينات تلقين معاملة تتضمن قسوة وإهانة وطرد وعدم ثقة، نتيجة لارتكابهن سلوكيات خاطئة في المرة الأولى، كما أظهرت النتائج أن النساء مرتكبات الجرائم صلتهن بأهاليهن في الغالب ضعيفة ومنعدمة، أيضا يفتقدن للشعور بالعطف والحنان الأسري مما يجعلهن يلجأن لطرق أخرى غير مشروعه للحصول عليه كما أظهرت الدراسة ضعف الارتباط بين شعور المرأة بالأمان والاستقرار الأسري وميلها للانحراف وارتكاب الجريمة، كما دلت على وجود ارتباط قوي بين انعدام أو ضعف الضبط الأسري عند المرأة وميلها للانحراف.