تحاول الفنانات التشكيليات التغلب على الشعور بالرهبة، والتخوف من نظرات الجمهور التي تسبب لهن القلق عند دعوتهن إلى المشاركة في أحد المعارض أو المهرجانات الشعبية للرسم أمام الجمهور المختلف في أذواقه وتوجهاته. الفنانة الشكيلية مريم بوخمسين تؤكد أن هذا الشعور لا ينتابها كثيرا، بل تؤكد أن الريشة تزداد لمعانًا أمام الجمهور، وأن أفضل لوحاتها السريالية رسمت ومئات العيون من الزوار تتابع. وتضيف "هكذا يبدو المشهد الفني للكثير من الفنانات التشكيليات السعوديات وهن يمارس هوايتهن أمام الناس، وفي وسط هذا الزحام، وتظل الحشمة الحد الفاصل بين من ينظرون للفنانة بفاعلية وقبول، وبين من يديرون عيونهم عن اللوحات وصاحباتها. وأكدت بوخمسين أن المرسم المفتوح أمام الجمهور كان أمنية لكثير من الفنانات للخروج من الرتابة داخل مراسمهن في غرف البيوت، بيد أن هناك من يتوحش من وجود المرأة وهي تمارس هوايتها أمام الجنسين والعائلات، مما يخلق حالة من السكون والتوتر معًا لدى ريشة الفنانة التي تعصر شيئًا من فكرها وهمها وتعبها ليتمخض بعد ذلك لوحة بعيدة عن الأنوثة تمامًا ولا تحمل معها إلا ما يدخل السرور على عيون الناظرين. وقالت "لقد عانينا كثيرًا أثناء مشاركتنا في هذه المراسم المفتوحة وتحملنا ما لا طاقة لنا به، حتى قتلنا بعضهم بنظراته وسلقونا بألسنة حداد، ولكننا صبرنا من أجل نشر هذه الثقافة البصرية التشكيلية، التي ستساهم في تغيير النظرة السلبية لوجودنا بشكل فعال في هذا المجتمع، ومن خلاله سنرسم أجمل صورة للأجيال القادمة من الفراشات التي لم تزل في طور شرنقتها الفنية، ولعل لوحة واحدة فرت من ريشة أنثى، تفتت بتجريدها جلاميد من الهموم والغموم للذين يبحثون عن روعة اللون وضوء المكان والزمان". التشكيلية فاطمة الدهمش أوضحت أن الرسم أمام الجمهور العائلي بشكل عام هو في حد ذاته وقود يشعل حماس "التشكيليات" ويطفئ ما تبقى من تهميش لدور المرأة في مجتمعها، إضافة إلى نشر ثقافة المدارس الفنية بأنواعها، فنحن ما زلنا نعاني من عدم النضوج المعرفي بتلك المدارس، فمعظم الجمهور تستهويه اللوحات الواقعية المباشرة، وكثيرًا ما نسمع كلمات التشجيع عندما تقع عيون الزائرين على اللوحات الواقعية، بيد أن التجريدية والسريالية وغيرهما لا تجدان لها انجذابًا بل تظلان حبيستي التذوق في عيون النخبويين والنخبويات فقط، ونتوقع أنه مع مرور الوقت وكثرة المراسم المفتوحة سيبدأ الجمهور في تقبل لوحات فنية كثيرة كان ينظر لها سابقا على أنها مجرد "خربشات"، وأن ما كان يسخر منه ويبدي استياءه منه سيعلقه على جدران بيته. وأكدت الدهمش أن هناك تغيرًا نسبيًا في تقبل وجود المرأة وهي ترسم أمام الزائرين، بعدما كان وضع اسمها على لوحتها عورة وتستخدم الرموز الحرفية بدلاً من اسمها الكامل.