تعتزم جامعة أم القرى اعتبارا من منتصف شوال الجاري تنفيذ مشروع "العيادة البيئية" الذي صدرت موافقة مدير الجامعة الدكتور بكري عساس على تنفيذه في اليوم الأخير من شهر رمضان الماضي، بهدف معالجة القضايا البيئية ورفع مستوى الوعي البيئي بين المواطنين. يكتسب المشروع أهميته في ظل تزايد الاهتمام الدولي في الحد من أثر الملوثات البيولوجية والكيميائية والتي ذكرت منظمة حماية البيئة الأميركية أن عدد المركبات المتواجدة داخل المنزل تبلغ نحو 800 مركب، وأن 40 من هذه المركبات قد تكون مسببة للسرطان والملوثات الإشعاعية الفيزيائية. كما أنه تحيط بالإنسان في المكان الذي يعيش فيه ويتنفس هواءه عوامل كثيرة تسبب له مشاكل صحية متنوعة، لا سيما وأن الإنسان يقضي في الأماكن المغلقة ما لا يقل عن 60-80% من حياته، وهذه الأماكن هي المكاتب في أماكن العمل والمخازن والمصانع المختلفة بالإضافة إلى غرف المعيشة داخل المنزل. وكان تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية جاء فيه أنه في الصين وحدها والتي يعيش فيها ثلث سكان العالم يموت سنويا نحو 500 ألف شخص من جراء التلوث الداخلي، بينما في المقابل يموت نحو 200 ألف شخص من جراء تلوث البيئة الخارجية. وأشار أستاذ الكيمياء المشارك والمشرف على البرنامج الدكتور فهد عبدالكريم تركستاني أن تعدد القضايا والمشكلات البيئية، يتطلب وضع مبادئ إدارة بيئية سليمة لحماية البيئة ووضعها موضع التنفيذ من خلال برامج تعتمد على أسس علمية متطورة وحديثة تساير المكتشفات الجديدة للملوثات خصوصا ما كان منها مؤثرا على صحة وحياة أفراد الأسرة، لتنفيذها داخل الوزارات والهيئات الحكومية والأكاديمية والخاصة والتطوعية، مشيرا إلى أن العديد من الأمراض تكون البيئة الداخلية مصدر لها خاصة الأمراض القاتلة كالسرطان. وأوضح تركستاني أن برنامج "العيادة البيئية" يهدف إلى تقديم التشخيص البيئي للمشكلات الناتجة عن التلوث وتقديم الحلول لهذه المشاكل والأضرار البيئية داخل المنازل أو البيئة الداخلية ومحيطها، والارتقاء بهذه المساكن أو البيئة الداخلية، وذلك من خلال ما يسمى بالعيادة البيئية أو القائم عليها، والذي يمكن له أن يتعرف على الملوث البيئي المسبب للمشاكل بعد رؤية علمية للواقع ومن ثم يقدم علاج لمسبب المرض الناتج عن هذه الملوثات وليس المرض ذاته. وبين التركستاني أن الطبيب البيئي هو الباحث العلمي أو الخبير الذي لديه دراية كافية بالآثار الصحية للملوثات البيئية المتوقعة في الأماكن المغلقة ويستطيع أن يعالج مسبب المرض داخل المسكن أو المنشأة (ومحيطها الخارجي). فهناك مثلا ما يسمى المسكن الممرض أو متلازمة المسكن الممرض، وهو عبارة عن ظهور أعراض مرضية على الشخص عند دخوله لمنزل ثم تختفي هذه الأعراض عند مغادرة هذا المنزل، فتظهر الأعراض بعد دقائق من دخول المنزل، لكنها قد تستمر لعدة ساعات أو أيام بعد مغادرته. وتشاهد هذه الظاهرة في المباني التي يكون بها تدوير مركزي يمرر بها هواء التكييف، خصوصا إذا كانت نسبة التبادل مع الهواء الخارجي ضعيفة. ويمكن أن تكون أعراض متلازمة المسكن الممرض عرضا واحدا أو أكثر مثل الصداع جفاف الأغشية المخاطية بالفم والأنف والحنجرة تحرش العيون دوخة وإغماء غثيان عدم الراحة والعصبية الأرق المصاحب للنوم متاعب بالجيوب الأنفية التهاب الأنف التحسسي اكتئاب داخل المنزل طفح جلدي احتقان أنفي مزمن. وعن آلية التنفيذ داخل العيادة البيئية، يقول التركستاني: يستقبل الطبيب البيئي المراجع داخل العيادة البيئية، ومن خلال الحوار معه تتم تعبئة استمارة تحتوي كل مكونات المنزل من غرف ومطبخ وصالات ومرافق صحية وأسطح وخزانات مياه علوية وسفلية ودرج ومخازن وكراج سيارات...إلخ، مما يسهل التعرف على الأخطاء البيئية وتقديم الإرشادات والتعليمات في كيفية تجنبها وبيان مدى خطورتها والأمراض التي تسببها هذه الملوثات لجميع أفراد الأسرة. وأشار إلى أنه في حالة أن المراجع يرغب من الطبيب زيارة المنزل أو مكان العمل وتقييم الوضع على الطبيعة عندها يحدد موعد لزيارة الطبيب المنزل يتم من خلال الزيارة معرفة الأخطاء البيئية وتعديلها على أرض الواقع. وفي حالة يريد المراجع أن يعرف نسبة التلوث فعليا ومصادر هذا التلوث عندها يمكن أن ترسل الشركة الفني المختص لعمل قياسات الهواء أو الماء أو الغبار أو البكتيريا أو الإشعاع، وعند الانتهاء يحدد الطبيب العلاج المناسب والحلول المقترحة. ولفت الدكتور تركستاني إلى أن هذه الحقائق تشير بوضوح إلى أن الإنسان يتعرض داخل المنزل لكثير من المؤثرات البيئية المختلفة التي لا يظن أن لها آثارا سلبية بسبب نمط الحياة الحديثة وطريقة تصميم المباني وأنظمة التهوية والإضاءة والأجهزة والأدوات المنزلية الكهربائية المختلفة وأنواع الأطعمة المحفوظة ومواد النظافة الشخصية والنظافة العامة وأدوات الزينة المختلفة.