هل لا بدّ للشاعر أن يختار بين أن ينطق شِعراً، وبين أن يسمح للشِعر أن ينطق به؟ أن يختار بين أن يكون بالشِعر، وبين أن يكون الشِعر به؟ هل الشاعِر هو مَن ينذر نفسه للشِعر، أم الشاعِر هو مَن ينذر الشِعر كينونته له؟ هل الشاعِر هو مَن يمتلئ شِعراً، أم إنه مَن الشِعر به يمتلئ؟ هل الشاعر هو القلم، أم الحِبر؟ هل هو التنّور، أم الطَحين؟ هل هو المِرآة ، أم الصورة؟ هل هو القِطار، أم السِكّة؟ أم إن الشاعر؛ لا يعدو كونه محطة! لماذا لا يستطيع الشاعر أن يتقيأ لآلئ الِشعر قبل أن يثمل به، ويمرض مِن سَكرَته! لماذا لا يستطيع أن يتحرّر من مفردات أرضه، ولا أن ينسى نجوم سمائه! لماذا يختنق الشاعِر بمِلح كلماته، ويحتضر حينما يجفّ بَحرها وتنحسر مياهها! لماذا يقطن الشاعِر شُرفات الانتظار، ويُخاصِر ورود الليل؟ ولماذا يعود ليُولد مع تفتقّات ندى الضوء، ومع احتفاء الأرض بخطوات النمل الأولى! لماذا لا يكتفي الغضب بكينونة الشاعِر؟ ولماذا لا يضجر الدمع مِن الطِفل فيه ؟ لماذا لا تهمد الموسيقى من ركوب جنونه! ولماذا لا تيأس الأسئلة منه، ولا يقترب الغيم له! ولماذا يظل الشاعر راكضاً، خلف السَهم الذي يُطلِقه قوس قلمه، حتى إذا ما لَحِقَ سهمه إلى قلب شجرةٍ عتيقة، وَجَد السَهَم حافِراً جُرحاً كبيراً مختوماً ب : مَن أنا ؟ ليرتدّ سَهم السؤال إلى صَدر الشاعر! ويظلّ السهم يُطارد نفسه! يوليو 2011-07-16 واشنطن دي سي * كاتبة سعودية