بهدوء ووقار، يعكف على فتل الحبال الممتدة أمامه والمصنوعة من سعف النخيل، ليصنع منها كثيرا من احتياجات حقبة سابقة يصر على أنها باقية ولو في وجدان من يعشق الماضي، فيزيده ذلك إصرارا على إتقان ما يعمل. في أحد أركان القرية التراثية التي تحتضن حالياً فعاليات مهرجان صيف أرامكو السعودية 2011 بالظهران، يزاول "صانع السعفيات" العم حسين السادة "في العقد السابع" عمله بكل تفانٍ غير آبهٍ بأفواج الزائرين الذين يمرون أمامه، وخصوصاً أبناء الجيل الجديد، ونظراتهم محملة بالفضول حيناً وبالإعجاب حيناً آخر، في رجل لم تزده السنوات إلا تمرساً بمهنته وتمسكاً بها، ليجلس في ركنه في القرية التراثية يمد رجليه عندما تتشابك أصابعه بما تمسكه من السعف، مرتدياً إزاره التقليدي البسيط، ومظهر الجدية يكسو تقاسيم وجهه، وينتشر على ملامحه. العم حسين استقبل "الوطن" كغيرها ممن يقفون أمامه من الزوار بكل ود ولطف، وقال ل"الوطن" إن السعف الذي أعمل منه منتجاتي هو الطبقة الرقيقة التي يكون جذرها في جذع النخيل وتفصل بين الكرب، وهي المصدر لعدة صناعات كانت تستخدم لأمور مفيدة، ومنها "الحبال" التي تستخدم في عمل مقابض الأدوات كسفرة الطعام مثلاً، وكذلك تستعمل لربط المنتجات الزراعية كما تستعمل للتقوية، كما أن بعض الحبال يلف بقطع من القماش أثناء تصنيعه لتنعيم ملمسه الخارجي، وهناك أيضاً "الخِرْج" وهو الأداة التي توضع فوق ظهور "الدواب" وتتدلى على الجانبين، وتستخدم لنقل الرمل والسماد عبر كيسين مفتوحين من الأعلى ومتصلين مع بعضهما البعض، وكذلك "المروي" الذي يشبه "الخرج" في التكوين العام إلا أنه يتكون من أربعة أكياس يتدلى كل كيسين على جانبي الدابة، وكل كيس على شكل مخروط دائري ناقص مفتوح من الجهتين، ويكفي الكيس لوضع "جرة" بداخله لهذا فهو يستغل لجلب الماء. وتابع العم حسين حديثه قائلاً: لدينا كذلك "الكر"، وهو أداة يستخدمها الفلاح لصعود النخلة ويصنع من نسيج السعف من حبال دقيقة على شكل قطعة مستطيلة تحيط بظهر الفلاح أثناء صعوده النخل، ونصنع كذلك "المواسد" وهي "مخدات" يرتكي عليها الأشخاص أثناء جلوسهم، وكذلك "المساند" ويقصد بها ما يوضع خلف الظهر في المجالس العربية وهذه تعمل من السعف الكامل بعد "تصفيقه" كما توضع داخل كيس من القماش لإعطائها مظهرا جميلاً.