عندما يمثل المتهم أمام القضاء لا يبخل بدمعة ساخنة تنساب على صفحة خده وسيلة يبتغي من ورائها الخلاص من روابط الجريمة أو تخفيف العقوبة على أقل تقدير، فمن التوسل وإظهار الدلائل إلى اللجوء للدمعة الزائفة والتظاهر بالمرض النفسي وإدعاء تعرضه للمس أوالسحر مما يضفى على المحاكمة جواً من الطرفة. خلال محاكمة أحد المتهمين بمحاولة سرقة منزل لم يجد هذا الأخير وسيلة للتملص سوى الاعتراف بسرقة 30 منزلاً وأن جميع سرقاته تتم دون وعي منه، وجميع ما يجنيه من السرقات يقوم بتسليمه لامرأة عجوز تسكن بيت مبني من لِبْن بأحد الأحياء الشعبية، وبأخذه لتحديد موقع منزل المرأة لم يستطع العثور عليه ودل المحققين على 29 منزلاً ادعى أنه قام بسرقتها ونفى أصحابها أنهم تعرضوا للسرقة، وأكدوا أنهم لم يفقدوا شيئاً من منازلهم، وبإعادة التحقيق معه اعترف أن هذه حيلة منه ليستعطف من حوله ويشعرهم بمرضه وضعف مداركه للتخلص من العقوبة. وأخر تورط بعمليه اختلاس مبالغ من مصرف قام قبل القبض عليه باصطحاب شاهدين معه والتوجه لراق معروف بالمدينة ليظهر أمام شاهديه أثناء قراءة القرآن عليه أنه مصاب بمس، وبمثوله أمام القاضي اعترف أنه قام بالاختلاس تحت تأثير السحر وطلب من القاضي سماع الشاهدين اللذين كانا معه عند القراءة عليه . من جهته أوضح الباحث الشرعي بمجمع المحاكم الشرعية بالمدينة المنورة عبدالعزيز السريحي أن لجنة من سبع إدارات حكومية ترأسها وزارة الداخلية انتهت من دراسة حول لجوء بعض المجرمين حين محاكمتهم إلى التظاهر بالمرض النفسي لتخفيف الحكم عليهم، وتوصلت اللجنة إلى عدد من التوصيات تحد من التحايل بالأمراض النفسية، تضمنت تفعيل اللائحة التنظيمية للجان والتقارير الطبية النفسية، ومنها تشكيل لجان طبية نفسية جنائية في المناطق الرئيسة، مع فتح أقسام للتنويم والملاحظة وتوفير الكوادر الفنية اللازمة المتخصصة في مجال الطب النفسي الجنائي، بالإضافة إلى ضرورة إرسال السجناء المرضى نفسياً لمستشفيات الصحة النفسية، وذكر الدواعي التي أدت إلى الاشتباه في قواهم العقلية، وإرفاق نبذة عن القضية وملابسات الواقعة وتقرير عن سلوكه أثناء التوقيف. وأضاف السريحي أن اللائحة تضمنت ضرورة قيام وزارة الصحة بإصدار دليل استرشادي للتعامل وتقييم الحالات النفسية الجنائية، وإصدار التقارير الطبية اللازمة بما يضمن توحيد السياسات المطبقة ويحد من التباين بين التقارير الطبية. كما أوصت اللجنة بسرعة إحالة المتهمين بارتكاب جرائم كبيرة المشتبه في قواهم العقلية للمستشفى المختص لإجراء الفحوصات اللازمة لإحالتهم خلال الدوام الرسمي، بالإضافة إلى عقد ورش عمل بين المختصين في القضايا الجزائية وأعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام المختصين مع اللجان الطبية النفسية الجنائية، إضافة إلى تشجيع الابتعاث والتخصص الدقيق في مجال الطب النفسي الجنائي للأطباء والأخصائيين النفسيين، وتكثيف البرامج التدريبية في مجال الطب النفسي الشرعي للعاملين في هذا المجال.