تتميز المجتمعات والدول بتميز أفرادها ورقيهم علمياً وفكرياً، وانعكاس ذلك واقعاً عملياً في سلوكهم اليومي. ومن أبرز الجوانب التي تعكس مستوى الوعي المجتمعي العناية بالمرافق العامة من الحدائق والممرات والطرقات والمصليات وغيرها؛ إلا أنه من المؤسف ما نلاحظه جميعاً وبصورة شبه يومية من الاعتداء غير المبرر على المرافق العامة دون مبرر شرعي أو عرفي أو قانوني. فعلى سبيل المثال عندما يسافر أحدنا سالكاً طريق البر قلماً يجد مكاناً مهيئا للجلوس أو للصلاة، وإن وجد فيلحظ أن هناك متابعة دقيقة من صاحب المنشأة للحد من الاعتداءات الفردية عليها. ومع استقبال بلادنا حرسها الله تعالى للملايين من المعتمرين والزوار والسائحين، وجعل ذلك أحد مرتكزات الرؤية الوطنية 2030 ومورداً مالياً للموازنة العامة، يجدر التنويه إلى ثمة أمور حيال العناية بالمرافق العامة: أولاً: الإعداد الجيد والمتابعة والإشراف من قِبل الجهات المنفذة للمرافق العامة، لأنه في الغالب الإعداد والتنفيذ السيئ للمنشأة لا يقاوم الاستخدام المستمر، والأمثلة على ذلك كثيرة جداً، وخصوصاً بين جنبات المدن والقرى، ولذا من المهم جداً تفعيل ما يعرف بالضمان على المنشأة، وخصوصاً في السنوات الخمس الأولى بعد الاستلام، والتي قد تكون رادعاً لمن تسول له نفسه التنفيذ السيئ، وكذلك تفعيل الرقابة الحكومية، وخصوصاً هيئة الفساد في محاسبة من يتولون الإشراف على متابعة المشروعات والمرافق الخدمية والتشهير بهم، خصوصاً بعد إعلان ولي العهد الحرب على الفساد والمفسدين. ثانياً: تفعيل الحملات التوعوية بأهمية المرافق العامة من خلال المؤسسات التعليمية كالمدارس والجامعات، باعتبارها القاعدة العريضة التي تضم الشريحة العظمى من المجتمع، وتفعيل منبر الجمعة لمناقشة تلك القضايا من زاوية شرعية وطرح الحلول الناجعة لذلك، لا سيما مع ورود النصوص الشرعية المتوعدة للعابثين بظل الأشجار وممرات الطرق، كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اتقوا اللعانين» قالوا: وما اللعانان يا رسول الله؟ قال: «الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم» رواه مسلم. ثالثاً: تفعيل الجانب الرقابي والعقابي لأولئك العابثين المعتدين والمستهترين بالمرافق العامة، وما ذاك إلا لاعتدائهم على المجتمع بأكمله، والتشهير بهم وإلزامهم بإصلاح ما أتلفوه، لأن الله تعالى حرم الاعتداء على أموال الناس وابتزازها بغير حق، وشرع ضمان ما أتلف منها بغير حق، ولو عن طريق الخطأ، فمن أتلف مالاً لغيره، وكان هذا المال محترماً، وأتلفه بغير إذن صاحبه؛ فإنه يجب عليه ضمانه. رابعاً: إسهام المحاكم الشرعية في العناية بالمرافق العامة من خلال تضمين الأحكام الشرعية التعزيرية المشاركة في العناية بالمرافق العامة وتقديم الخدمة بها، وبذلك يتحقق أمران العناية بها وتقديم الخدمة بالمجان، وهذا أمر معمول به في العديد من بلدان العالم كالولايات المتحدة الأميركية وغيرها. وأخيراً العناية بالمرافق العامة حق مكتسب للأجيال القادمة فلنحافظ عليه.