مصطفى عزيز مرت دورتان على المجالس البلدية وقاربت الثالثة على الانتهاء، أي حوالي 13 عاما، وتم الصرف عليها من خزينة الدولة مئات الملايين، وذلك لتحقيق الهدف الذي أنشئت من أجله، وهو التقرير، مثل «إقرار مشروع الميزانية، وإقرار الحساب الختامي، وإقرار الخطط والبرامج البلدية»، والرقابة على أداء البلديات، والعمل على رفع كفاءتها، وحسن أدائها على ما تقدم من خدمات ومشروعات بلدية. ولقد مُنِحت المجالس البلدية صلاحيات واسعة وكبيرة، وكذلك تم منح أعضاء المجالس مكافآت شهرية أكبر مما يتقاضاه عضو مجلس الإدارة في كبرى الشركات على الجلسة الواحدة، وليس هناك أي رقابة على أدائهم أو أي إلزام يومي بالحضور، ما عدا حضور جلسة في الشهر، ومع ذلك يتفق غالبية المواطنين على عدم جدوى المجالس البلدية، ومحدودية عملها الرقابي، وضعف مخرجاتها، وتواضع رقابتها، وعدم تحقيق الأهداف المنوطة بها. وهي تواجه معوقات لعل أهمها: أن ربطها بوزارة البلديات قيّدها عن العمل بدورها الرقابي، لأن الوزارة جهة تنفيذية والأمانات والبلديات تعمل بناءً على توجيهات الوزارة، والمبدأ الإداري يحتّم فصل الجهة الرقابية عن الجهة التنفيذية، وأن تأثير الوزارة السلبي على المجالس البلدية واضح. من معوقات المجالس البلدية، حرص بعض الأعضاء على مصالحهم الشخصية أكثر من حرصهم على القيام بعملهم الرقابي، وحرص البعض الآخر على المكافأة والانتدابات والزيارات أكثر من حرصهم على الحضور، كما أن كثيرا من الأعضاء لا يعرفون كيفية ممارسة عملهم الرقابي ولا صلاحياتهم، وليست لديهم خبرة في لغة الأرقام ومراجعة الميزانيات والحساب الختامي وخطط وبرامج البلديات، ومن المعوقات أن بعض الأمانات والبلديات لا تزود المجالس البلدية بالمعلومات الكاملة والشفافة عن عملها. المعوقات السابقة، وكذلك عدم ظهور بصمة المجالس في حل مشكلة المشروعات المتعثرة، وعدم تنفيذ كثير من قرارات المجالس، وعدم كشف أي فساد أو الحد منه، هي التي جعلت كثيرا من المواطنين يرون أن المجالس البلدية شكلية، وجعلت كثيرا من النخب يحجم عن المشاركة. وأرى أنه لا يمكن للمجالس البلدية أن تقوم بعملها وتحقق أهدافها، إلا بفصلها عن وزارة البلديات، وضمها إلى ديوان المراقبة العامة، لتكون الذراع الميدانية له لتجانس عملهما، وكذلك وضع ضوابط في نظام الانتخابات تحد من الفزعات والقبلية، ووضع ضوابط للمترشحين، أهمها: مؤهل جامعي للمرشح، ومؤهل جامعي للمُعَين، مع خبرة عملية لا تقل عن 10 سنوات، لضمان اختيار الأكفأ من المواطنين في المجالس البلدية، وربط المكافأة بحضور الجلسات والإنتاجية. وهناك خيار آخر، وهو الاعتماد على قنوات التواصل الاجتماعي بدلا من المجالس البلدية، فهي أكثر انتشارا وأسهل وأسرع وغير مكلفة، وتوفر على خزينة الدولة ملايين الريالات، وتحقق هدف مشاركة المواطنين في القرارات التي تخصهم، وذلك وفق آلية مدروسة لتحقيق هدف الرقابة.