وسط إخفاق واضح من المخابرات التركية في إقناع الفصائل المسلحة السورية منها وغير السورية، بمغادرة المنطقة منزوعة السلاح، التي جاءت وفقا للاتفاق التركي الروسي، والممتدة من جبال اللاذقية الشمالية الشرقية، مرورا بريفي إدلب وحماة، وصولا إلى الضواحي الشمالية الغربية لمدينة حلب. قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن هذه الضواحي مع القسم الغربي من مدينة حلب المشمولة باتفاق نزع السلاح، شهدت خلال الأيام الماضية عمليات قصف متبادل بين قوات النظام والفصائل، مشيرا إلى تصاعد أعداد الخسائر البشرية جراء الاستهداف، الذي يعد الأول من نوعه منذ الاتفاق بين أردوغان وبوتين في ال 17 من سبتمبر الماضي. وأوضح مراقبون أنه بسبب هذه الانتهاكات لا أحد يستطيع التكهن بإمكانية تطبيق بنود إنشاء المنطقة العازلة في شمال سورية المتفق عليها بين تركياوروسيا، التي على إثرها تم تأجيل الهجوم الروسي السوري على منطقة إدلب، لافتين إلى اجتماع القمة الرباعية في اسطنبول حول النزاع السوري، والتي ستضم رؤساء تركياوروسيا وفرنسا، والمستشارة الألمانية، والمقرر عقده في 27 أكتوبر الجاري، لاستكمال بحث الأوضاع في سورية، مشيرين إلى أن استبعاد إيران من تلك القمة في ظل مطالب بخروج قواتها من سورية. وحسب المراقبين، فإنه على الرغم من أن تركيا لعبت دورا محوريا في إزالة التهديد بمهاجمة إدلب، فإن اللاعبين الآخرين في سورية ساهموا أيضا في التوصل إلى هذه النتيجة، بما في ذلك إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إذ أعلنت إدارة ترمب مؤخرا عن تغيير مهمة القوات الأميركية الموجودة في سورية «2000 جندي أميركي»، لتشمل التوصل إلى حل سياسي سلمي للصراع السوري، وإخراج إيران وجميع الميليشيات المدعومة إيرانيا من سورية.
المنطقة منزوعة السلاح تعتبر أهم نقطة في اتفاق أدلب قيام تركيا بإبعاد الجماعات الإرهابية الراديكالية عن المنطقة منزوعة السلاح، بما فيها هيئة تحرير الشام وسحب الدبابات وقاذفات الصواريخ ومدافع الهاون الخاصة بالأطراف المتقاتلة، وتحصين نقاط المراقبة التركية واستمرار عملها. كما سيتخذ الجانب الروسي إجراءات لضمان تجنب تنفيذ عمليات عسكرية وهجمات على إدلب، أيضا ستقوم القوات المسلحة التركية والشرطة العسكرية الروسية بدوريات منسقة على امتداد حدود المنطقة منزوعة السلاح، لضمان حرية حركة السكان المحليين، فيما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد ذلك بناء على اقتراح تركي سعيه فتح حركة المرور بين حلب واللاذقية، وبين حلب وحماه قبل نهاية هذا العام، هذا على الرغم من أن هذين الطريقين يمران في المنطقة التي ستبقى تحت سيطرة المعارضة، بعد تطبيق الاتفاق كونهما شريان الحياة الاقتصاية في سورية. وفيما انصاعت العديد من التنظيمات المعارضة بعد اتفاق إدلب للرغبة التركية بتسليم أسلحتها الثقيلة، إلا أن هيئة تحرير الشام وحلفائها رفضوا الالتزام بالاتفاق، خصوصا بعد أن اعتبرت السلطات التركية جبهة النصرة تنظيما إرهابيا، مؤكدة على «تمسكها بخيار القتال» وعدم التخلي عن السلاح، ومن ثم وقع خرق اتفاق إدلب مؤخرا، عند تبادل القصف بين مسلحي المعارضة وقوات النظام السوري، التي واصلت قصف المنطقة العازلة عدة أيام.
منع تدهور الأمور قال مدير عام معهد المشرق للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سامي نادر، في تصريحات إلى «الوطن»، إن إنشاء المنطقة العازلة في شمال سورية يواجه تحديات كبيرة، في ظل غياب تسوية شاملة للأزمة السورية، كما أن قيام المنطقة العازلة يقتضي خفض التصعيد ووقف إطلاق النار وإلا سيبقى الاتفاق التركي الروسي هشا وغير مكتمل العناصر، مبينا أن المصالح التركية الروسية المشتركة ستدفع الطرفين لإنشاء المنطقة العازلة في شمال سورية، خصوصا أن من مصلحتهما «عدم تدهور الأمور في تلك البقعة، وتثبيت وتكريس المكاسب التي حققوها على الأرض. وأضاف «لذلك بدأ الطرف التركي العمل بجدية لجعل المنطقة منزوعة السلاح.. هذا على الرغم من عدم استجابة كل الأطراف، إلا أنه قادر على ممارسة الضغط العسكري على المعارضة ومحاصرتها، خصوصا أن التنظيمات في إدلب وما حولها باتت ساقطة عسكريا، أما روسيا فتعي جيدا الثمن الباهظ للحسم العسكري في إدلب، خصوصا في ظل تقلص عدد قوات النظام السوري، وبالتالي معركة من هذا النوع ستدمي الجيش الروسي، بالإضافة إلى استحالة حسمها دون التدخل الإيراني، وهو ما لا ترغبه روسياوتركيا والمجتمع الدولي. وذكر الدكتور سامي نادر أن الأهم من ذلك إبقاء الوضع كما هو عليه عبر إقامة المنطقة منزوعة السلاح ، والذي يكفل أيضا إبعاد إيران عن شمال سورية، وهو ما ترحب به روسيا والمجتمع الدولي، مؤكدا أن اللاعبين النافذين في شمال سورية وهم تركياوروسيا يسعيان بشكل دؤوب لمنع تدهور الأمور، خاصة مع حدوث اشتباك من فترة لأخرى، بهدف تبرير الوجود العسكري لكافة الفرقاء من أجل تقسيم سورية.
أسباب التوافقات الدولية 01 العمل على استمرار الاتفاق الروسي التركي بشأن إدلب 02 المصالح التركية الروسية المشتركة ستدفع الطرفين لإنشاء المنطقة العازلة 03 إدراك روسيا أن أي عمل عسكري يتطلب وجود قوات إيرانية 04 ضرورة إخراج إيران وجميع الميليشيات الداعمة لنظام بشار الأسد 05 ضعف التنظيمات المسلحة في أدلب وإمكانية محاصرتها عسكريا