قالت مندوبة الولاياتالمتحدة في الأممالمتحدة نيكي هايلي السماء لم تسقط على الأرض بسبب القدس، وإنه قرار شجاع ويعكس الواقع وكررتها لاحقا، مما يعني أن الإدارة الأميركية تقول إننا نفعل ما نفعل، ونخالف جميع قرارات مجلس الأمن والأممالمتحدة دون أن تقع السماء على الأرض، أي دون أن نتوقع أي حراك ضد هذه التصرفات من أحد، ودون أي نتائج سلبية متوقعة على أميركا.. نقول لها ولمن تمثله إن القدس والمسجد الأقصى في وجداننا وأمام أعيننا كأرض عربية إسلامية محتلة مغتصبة بقوة السلاح وبدعم خارجي..! هو فعلا لن تقع السماء على الأرض بسبب ما نحن فيه من ظرف لا يساعد على قيام الدنيا وعدم إقعادها على رأس أميركا وإسرائيل معا.. إلا أنه وبلا شك أن هذا القرار المستهجن لم يأت بجديد، فأميركا ومنذ أن قامت إسرائيل تدعمها وتعاملها معاملة البنت المدللة على حساب حقوق الآخرين، ولم توفر الإدارات الأميركية المتعاقبة أي جهد لدعم عدوان إسرائيل المتكرر على العرب بالعموم وعلى الفلسطينيين وبيت المقدس بالخصوص، فكم هي عدد المرات التي استخدمت فيها أميركا حق النقض الفيتو لأي قرار يدين جرائم إسرائيل، وكم هي كمية المساعدات والمنح العسكرية وغيرها المقدمة لهذا الكيان لكي يتمكن من القيام بعدوانه المستمر.. نعم لم تأت أميركا بجديد في سياساتها، إنما هي فقط إضافة خطوة جديدة في اتجاه تجاهلها، بل عدم احترامها لحقوق الآخرين، والأنكى من ذلك عدم احترام القرارات الدولية ومواقف معظم دول العالم والتجمعات والمؤسسات الدولية، إلا أنها وبهذا القرار الأخير بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، تسقط آخر ورقة توت تستر عورتها التي لم تكن يوما مستورة لدعمها إسرائيل دون أي تحفظ. أخطأت هذه الدبلوماسية الشابة التي استوحت تصريحاتها وبنتها على ماض عربي وإسلامي ضعيف، كان يقابل أي قرار من هذا النوع أو أي عدوان بشجب أو استنكار وإدانات، وعلى أهمية هذه المواقف، وهو أضعف الإيمان، إلا أن قدرات الشعوب ليس لها حدود، ومقاومتها لا يمكن لقوة على سطح الأرض أن تسكتها.. نعم لم تسقط السماء على الأرض ولن تسقط، إلا أنه من المؤكد أن السياسات الأميركية سقطت أمام العالم أجمع، حيث رفض جلّ دول العالم هذا القرار، ولم يتقبله حتى أصدقاء وأقرب المقربين الغربيين من واشنطن، فبدأت المواقف تتغير لصالح القضية الفلسطينية.. فهذا الاتحاد الأوروبي ومن ضمن دوله المهمة فرنسا وبريطانيا وألمانيا والسويد وغيرها رفضت هذا القرار ورفضت الانجرار وراء سياسات أميركا المنحازة للاحتلال الإسرائيلي. نعم لم تسقط السماء على الأرض إلا أنه قد تشتعل الأرض تحت أقدام المحتل لتصل إلى السماء، وقد تشتعل الأرض نارا تحرق قرار ترمب وسياساته في المنطقة، إنها هدية ترمب لإسرائيل وهديته للرؤوس الحامية في المنطقة ابتداء من نتن ياهو، وأيضا كل الجماعات المتطرفة التي قد تتخذ من هذا القرار المجنون منطلقا لأفعال مجنونة أيضا ضد المدنيين في أصقاع الأرض.. نعم لم تسقط السماء على الأرض إلا أنها سقطت سياسات أميركا في المنطقة، بهذه السقطة القانونية الكبيرة من دولة بعظم أميركا يفترض أنها تحمي القانون الدولي، ولم يعد هناك عاقل يستطيع أن يبرر أي تصرف لأميركا بعد أن تعرت تماما أمام المجتمع الدولي بمواقفها العنجهية وفوق القانونية.. لم تسقط السماء على الأرض إلا أن هذا القرار أعاد قضية القدس إلى الواجهة بعد غياب ليس بالقصير، لم تسقط السماء على الأرض إلا أن هذا القرار وحد الجميع ضده، وما لذلك من إيجابية بالغة وخاصة في مواقف الدول المؤثرة تجاه القضية الفلسطينية بالعموم والقدس بالخصوص.. لقد تحركت المياه الراكدة في فلسطين وفي مواقف الدول الأخرى وخاصة منها الغربية، ونتوقع اعترافات متتالية بفلسطين كدولة وبالقدسالشرقية عاصمة لدولة فلسطين، وسيكون هذا القرار هو الدافع الأول لاتخاذ هذه الدول قرارها.. ثم إن هذا القرار سيحرر يدي القيادة الفلسطينية برفع دعاوى مختلفة ضد قيادات إسرائيل المدنية والعسكرية أمام المحاكم الدولية.. لم تجن إسرائيل أي حصيلة عملية نتيجة لهذا القرار سوى تجييش جنودها ليل نهار ليراقب حراك الفلسطينيين، وما لذلك من تكلفة مادية وبشرية، وأيضا لتجييش دبلوماسيتها لتدافع عن هذا القرار، وأسوأ ما يقع به الإنسان هو عندما يكون في موقع الدفاع والتبرير.. لم ولن تستفيد إسرائيل من هذا القرار سوى أنها فقدت مواقف رمادية لدول كانت في صفها، والآن اتخذت موقفا ضدها بوضوح.. لم ولن تستفيد الإدارة الأميركية من هذا القرار غير المتزن سوى أنها انحشرت في الزاوية بعزلة سياسية لتكون وحدها في هذا الموقف ولأول مرة في تاريخها، حيث إنها خالفت القرارات الدولية ذات الصلة أولا، واستعدت بوضوح الشعوب العربية والإسلامية، بل استهجان شعوب الأرض لهذا القرار، وهذا التوجه بالعموم، والذي يتعارض مع الإجماع الدولي..! ونقول لهيلي ومن خلفها ترمب لقد احتل القدس من قبل الرومان والصليبيين والإنجليز وغيرهم بقوة السلاح، ودافع عنها أهلها بإيمانهم، فرحل المحتل بأسلحته أو بدونها، وبقي أصحاب الأرض بإيمانهم، فسترحلون ولو بعد حين..! المسجد الأقصى في وجداننا..!