عقب مفاوضات مطولة استغرقت قرابة الأسبوع مع الفصائل المسلحة في محافظة إدلب، تمكن الجيش التركي أول من أمس من عبور الأراضي السورية ودخول المدينة، تمهيدا للانتشار في نقاط المراقبة المحددة له، في إطار الاتفاق التركي الروسي الإيراني خلال مفاوضات أستانة. وكانت رئاسة هيئة الأركان التركية، قد أعلنت أن قوة عسكرية تركية قوامها 120 جنديا دخلت مدينة إدلب برفقة 12 مدرعة عسكرية، بهدف الانتشار في أكثر من 10 نقاط للمراقبة، مشيرة إلى أن هدف الانتشار هو تهيئة الظروف المناسبة لوقف إطلاق النار، وإيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين، وإعادة النازحين لمنازلهم في الوقت الذي أكد فيه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أن عملية إدلب تستهدف حماية الحدود المشتركة والتصدي للإرهاب، وأنه لا يحق لأحد محاسبة بلاده على حماية أمنها.يأتي ذلك فيما أشارت تقارير إلى أن التوغل التركي لا علاقة له بالتفاهمات التي تمت بين الدول الضامنة في عملية أستانا بل يشكل مخالفة لهذه التفاهمات وخروجاً عنها، داعية النظام في أنقرة إلى التقيد بما تم الاتفاق عليه في أستانا. تجنب الخسائر أكد مراقبون أن أنقرة تسعى ما أمكن إلى عدم تكرار سيناريو الموصل والرقة في محافظة إدلب، في وقت تحمل المحافظة أهمية في الحسابات الاستراتيجية لتركيا ودول المنطقة، نظرا لما تمثله من امتداد جغرافي يصل إلى مدينة حلب، حيث يقع جبل التركمان المطل على «عفرين»، والتي تسعى الميليشيات الكردية لإعلانها منطقة حكم ذاتي. بحسب مصادر مطلعة، تتضمن المرحلة الأولى الانتشار في المنطقة الممتدة بين إدلب ومدينة عفرين بمحافظة حلب، وتموضع عناصر الجيش التركي مبدئيا في منطقة قريبة من عفرين الخاضعة لسيطرة الميليشيات الكردية. وقالت المصادر إن شن تركيا معركة في عفرين، يتطلب موافقة دولية وعلم الروس. أهداف الانتشار العسكري أوضحت تقارير أنه رغم ما ذكرته أنقرة بأن توغلها في إدلب جاء لأجل ترسيخ وقف إطلاق النار في سورية بين النظام والمعارضة وإنهاء الاشتباكات، وإيصال المساعدات الإنسانية، وتهيئة الظروف المناسبة لعودة النازحين إلى منازلهم، إلا أن هناك مخاوف من بدء موجة عنف كبيرة في المحافظة من قبل نظام الأسد والميليشيات الموالية له، في حال عدم تطبيق منطقة خفض التوتر، مما يعني احتشاد ملايين الأشخاص على الحدود للدخول إلى الأراضي التركية، في وقت يقيم أكثر من مليون نازح في مخيمات منتشرة على الجانب السوري قرب الحدود التركية. أطماع كردية يشير محللون إلى أن الميليشيات الكردية في سورية تسعى إلى إقامة حزام بري يبدأ من الحدود العراقية ويمر عبر الأراضي السورية والتركية، وينتهي لسواحل البحر المتوسط، حيث أصبحت مدينة إدلب هدفا محوريا للقوى الإقليمية نظرا لأهميتها الاستراتيجية، في وقت خرجت هذه المدينة من تحت سيطرة النظام السوري منذ عام 2011، وأصبحت تديرها فصائل المعارضة وبعض التنظيمات المتشددة. وتحولت محافظة إدلب التي تضم نحو 2.5 مليون نسمة إلى مكانٍ مزدحم يحوي قرابة 4 ملايين شخص، بعد نزوح المدنيين الهاربين من المناطق الداخلية إليها، قبل أن تنسحب حركة «أحرار الشام» و«هيئة تحرير الشام» منها، ويتم إدارتها بواسطة مجلس محلي مدني بإدارة مركز المحافظة.