مع بدء العد التنازلي الأخير لإجراء استفتاء تقرير المصير لإقليم كردستان العراق المقرر غدا، في محافظات الإقليم وهي أربيل والسليمانية ودهوك وحلبجة، إضافةً إلى المناطق المتنازع عليها وهي كركوك ومناطق مندلي وخانقين وجلولاء بمحافظة ديالى ومناطق سنجار وبلدات مسيحية في سهل نينوى بمحاظة نينوى، تتجه الأنظار لمعرفة طبيعة التداعيات المحتملة التي ستحملها الساعات القادمة والفترة التي تلي الاستفتاء مباشرةً بين الحكومة المركزية في بغداد برئاسة حيدر العبادي من جهة، وحكومة الرئيس مسعود بارزاني من جهة ثانية، كما أن الدولتين الإقليميتين الجارتين للإقليم الكردي تركياوإيران لن تكونا بمعزل عن أي أجراءات انتقامية رداً على الاستفتاء. وكان بارزاني قد أكد أول من أمس على إجراء الاستفتاء في موعده، رافضا كل المطالب التي دعت إلى عدم إجراء الاستفتاء في هذا التوقيت حفاظا على أمن واستقرار العراق. الداخل العراقي تخشى معظم الأطراف العراقية من حدوث مواجهاتٍ عسكريةٍ بين قوات كردية تابعة لبارزاني وقواتٍ عراقية تابعة لبغداد لا سيما من قبل قوات الحشد الشعبي المدعومة من إيران في المناطق المتنازع عليها مع استبعاد أي سيناريو حرب واسعة بين حكومة بغداد وحكومة أربيل. وفي هذا السياق، أكد النائب الكردي في البرلمان العراقي طارق صديق في تصريحات إلى «الوطن»، أن كل المخاوف الكردية من حدوث رد فعل عنيف من قبل الحكومة العراقية، تنحصر داخل المناطق المتنازع عليها التي تضم مكونات متعددة من عرب وأكراد ومسيحيين وإيزديين وتركمانين وآخرين، موضحا «ما نخشاه أن تقوم بعض العناصر داخل المناطق المتنازع عليها بافتعال أعمال عنف ثم تتخذها حكومة بغداد وخاصة قوات الحشد الشعبي، ذريعةً للتدخل العسكري الفوري ولذلك تقوم اللجان الأمنية المحلية في هذه المناطق بتأمين سلامة كل العراقيين الذين يريدون التصويت في الاستفتاء». وكشف النائب صديق وهو من الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يرأسه بارازني، أن قوات البيشمركة الكردية المنتشرة في المناطق المتنازع عليها تلقت تعليمات واضحة بأن يتم الرد وفق حق الدفاع عن النفس على أي تدخل عسكري من قوات تابعة لبغداد. الموقف الدولي تجمع كل القراءات السياسية سواء من جهة حكومة بغداد أو حكومة أربيل بأن المواقف الدولية ستتفادى اتخاذ عقوبات ضد الشعب الكردي في مرحلة ما بعد الاستفتاء، وإعلان نتيجة الانفصال المرجحة، لكن مصادر كردية داخل حكومة إقليم كردستان بدت متخوفة من احتمال أن تتخذ دول التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة إجراءات منها وقف دعم قوات البيشمركة الكردية على اعتبار أن الحكومة العراقية برئاسة العبادي قد قضت على تنظيم داعش في شمال العراق وهي تقترب من القضاء على التنظيم في كل العراق. عقوبات شاملة من جهته، قال النائب في التحالف الوطني الحاكم في بغداد محمد المسعودي ل«الوطن»، إن التدخل العسكري لحكومة بغداد في المناطق المتنازع عليها مشروط بوقوع مواجهات بين المكونات العربية وغيرها وبين القوات والأمن الكردي المنتشرة في هذه المناطق، مشددا على أن القوى السياسية الرئيسية في البرلمان تريد التصويت على إقالة رئيس الجمهورية فؤاد معصوم وهو شخصية كردية فور الانتهاء من استفتاء الاستقلال الكردي، كما توجد توجهات لإقالة كل الرتب العسكرية من مناصبها التي يتولاها أكراد، وطرد الموظفين الأكراد من الأجهزة الأمنية، وتجميد حصة إقليم كردستان من الميزانية العامة البالغة 17%. التحرك التركي والإيراني لا تستبعد مصادر في الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة بارزاني، قيام قوات تركية وقوات إيرانية في وقت متقدم في مرحلة ما بعد الاستفتاء الكردي بتوغل بري محدود على حدود إقليم كردستان وهذا مرهون بفشل المحادثات بين أربيل وبغداد. وبحسب معلومات المصادر الكردية، توجد خطة تركية إيرانية لمواجهة أكراد الدولتين والذين ربما يستثمرون استفتاء تقرير مصير أكراد العراق برئاسة بارازاني لحشد صفوفهم وتصعيد المقاومة المسلحة الكردية، حزب العمال الكردستاني المعارض المعروف ب ال«بي كا كا» ضد أنقرة وحزب الحياة الجديدة المعارض المعروف ب«بيجاك» ضد طهران وهما قوتان عسكريتان كرديتان منتشرتان على حدود الدولتين مع إقليم كردستان. اتفاق ثلاثي أشار النائب المسعودي إلى وجود اتفاق ثلاثي بين بغدادوأنقرةوطهران بغلق الحدود البرية مع إقليم كردستان في شمال العراق، كما تنوي بغداد إغلاق الأجواء ومنع استخدام مطاري أربيل والسليمانية الدوليين كجزء من العقوبات المهمة. ورأى المسعودي أن بارازاني يعتمد على استراتيجية خوض المفاوضات مع حكومة بغداد بعد إجراء الاستفتاء، لأنه يظن أنه سيفاوض من موقع قوي عندما تكون بيده ورقة الاستقلال غير أن حساباته هذه ستواجه برفض تام من حكومة العبادي أو أي حكومة عراقية مقبلة، لأن موقف بغداد يعارض أي محادثات على قاعدة نتيجة الاستفتاء وهي الاستقلال الكردي.