أحدثت تصريحات الرئيس التونسي الباجي القائد السبسي مؤخرا، حول مطالبته بمراجعة القوانين التشريعية فيما يخص المرأة بالميراث ومساواتها مع الرجل، فضلا عن السماح بزواج المرأة التونسية من رجل أجنبي وغير مسلم، جدلا واسعا داخل البلاد وخارجها، بالإضافة إلى إحداثها نوعا من الانقسامات الدينية والحزبية كونها تتعلق بمواضيع دينية قد يرى مراقبون أن لها مغزى خاصة في هذا التوقيت. وبحسب محللين للوضع التونسي الداخلي، فإن المقصد وراء هذه التصريحات الجريئة للرئيس التونسي، قد يكون له بعد سياسي لاديني أو اجتماعي، وذلك في ضوء اقتراب الانتخابات المحلية نهاية هذا العام، تليها الانتخابات الرئاسية والتشريعية في العام اللاحق. صراع خفي يأتي ذلك في وقت تسعى فيه الأحزاب التونسية بشكل عام، إلى ضمان مستقبل لها في الحياة السياسية التونسية، حيث كانت تصريحات زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي التي دعا فيها رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد إلى عدم الترشح في الانتخابات المقبلة، دليلا على وجود صراع خفي بين الأطراف السياسية حول المعركة الانتخابية المقبلة، وذلك بحسب ما أكده مراقبون مطلعون على الوضع التونسي الداخلي. كما أن تصريحات السبسي تعطي دلالة بحسب تقارير، على نيته دعم نفسه وحزبه الحاكم «نداء تونس» في الانتخابات المحلية والتشريعية والرئاسية المقبلة، عبر بوابة كفالة الحريات والمساواة بين الجنسين، وتمكين المرأة من كافة حقوقها الدينية والاجتماعية والسياسية، خاصة أن أكثر من 60% من الأصوات التي نالها السبسي في انتخابات عام 2014 كانت من النساء، مقابل خصمه آنذاك المنصف المرزوقي. وكان السبسي قد طلب منه عدة مرات تبيين موقفه حول استعداده للترشح للانتخابات الرئاسية 2019، إلا أنه لم يوضح ذلك ولم ينف، إلى جانب أن حزبه الحاكم يخوض معركة محتدمة مع الأحزاب المنافسة في السباقات الانتخابية الأخرى. دور حزب النهضة ترى تقارير أن دعوات السبسي هذه، وضعت حركة النهضة الموالية لجماعة الإخوان بتونس، في وضع سياسي واجتماعي معقد ومرتبك، كون الحركة تعتمد في مرجعياتها وأجنداتها على التحكيم الديني والأيديولوجية الإسلامية في أفكارها، رغم أنها أصرت على خلع العباءة الدينية والاتجاه نحو العمل السياسي البحت في السنوات الماضية، مشيرة إلى أن الحركة قد تضطر إلى تجاهل مثل هذه الدعوات وتستمر في تحالفها مع الحزب الحاكم خوفا من ضياع نفوذها داخل المشهد السياسي بالبلاد. ويتوقع خبراء في حال لو رفضت الحركة تصريحات السبسي، فإن هذا يعني بداية نهاية التحالف القائم بينهما، وهو ما يدعو الحزب الحاكم إلى البحث عن تحالفات جديدة أخرى لانطلاق مرحلة الصراع الانتخابي والرئاسي المقبل. رفض التدخل الخارجي رفضت قيادات من داخل حركة نداء تونس، الدعوات التي أطلقها الأزهر في مصر حول رفضه لخطاب السبسي، فضلا عن دعوات إعلامية أخرى بتكفير وعزل الرئيس التونسي، حيث رفض القيادي في الحركة سمير العبدلي أول من أمس، ما أسماه التدخل الخارجي في الشأن التونسي الداخلي، مشيرا إلى أن دعوات السبسي تمكن للمرأة من حقوقها الدستورية المكفولة ولا تتعارض مع الجانب الديني بأي شكل من الأشكال. المشهد التونسي - انقسامات حول دعوات السبسي - رفض سياسي للتدخلات الخارجية - ارتباك وغموض في موقف حركة النهضة - إمكانية حل التحالف الحكومي - تسابق الأحزاب حول الانتخابات المرتقبة