رغم الموافقة المبدئية للدول الراعية لمفاوضات أستانا «روسيا وتركيا وإيران» حول سورية، على مبادرة روسيا بإقامة ما يسمى ب«المناطق الآمنة»، وإعطاء انطباع بأن الولاياتالمتحدة أعلنت موافقتها، إلا أن روسيا نفسها أفشلت تلك المبادرة عبر تصريحات في غاية الأهمية والخطورة. وقال مراقبون إن روسيا تقصد من مبادرتها تحييد الولاياتالمتحدة والتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، وتعويض الأسد عن خسائره خلال أبريل، ودعمه حتى النهاية، وذهب مراقبون إلى أن روسيا تضع سورية عمليا على طريق التقسيم ليس فقط بفرض شروط تعجيزية على جميع الأطراف، وبالذات في ما يخص مبادرات نظرية لا يمكن تنفيذها، بل وأيضا بوضع الجميع أمام الأمر الواقع. حظر طيران التحالف بعد ساعات من انتهاء أستانا 4، قال رئيس الوفد الروسي إلى مفاوضات أستانا ألكسندر لافرينتيف إنه يحظر على طيران التحالف الدولي بقيادة واشنطن العمل في أجواء مناطق وقف التصعيد بسورية منذ التوقيع على المذكرة الخاصة بإنشاء هذه المناطق، مشيرا إلى أن هذا الحظر ليس مسجلا في المذكرة، ولكن «هذه المناطق مغلقة منذ الآن أمام طلعات التحالف الدولي». وذهب لافرينتيف إلى أن الدول الضامنة ستتابع عن كثب عمليات التحالف الدولي فيما يخص التزامه بحظر العمل في أجواء مناطق وقف التصعيد، وأن المذكرة لا تسمح بعمل الطيران الحربي في أجواء المناطق، ولا سيما طيران التحالف الدولي. منتهكو الهدنة اعترف رئيس الوفد الروسي إلى أستانا بأنه رغم مرور 3 أشهر على بدء العمل على ما أسماه «تثبيت وقف إطلاق النار» ومحاسبة المنتهكين، فإنه لم يتم حتى الآن التوافق بشأن آلية لمحاسبة منتهكي الهدنة. وهو الأمر الذي أشار إليه وفد المعارضة السورية المسلحة في أستانا، حيث قال المتحدث الرسمي باسم الوفد أسامة أبو زيد إن «الجانب الروسي أكد سابقا استعداده للمضي قدما في تسوية الأزمة سياسيا وعدم تمسكه بشخص بشار الأسد، مشيرا إلى وجود فجوة كبيرة بين وعود موسكو وما ينفذ على الأرض، وأن وفد المعارضة لم يحصل على إجابات واضحة من الجانب الروسي بخصوص كيفية التعامل مع انتهاكات إيران أو قوات النظام في سورية». وأضاف أن لدى المعارضة بالفعل اتفاقا موقعا منذ خمسة أشهر لكنه لم يطبق، وذلك في إشارة لاتفاق الهدنة الذي أعلنته روسيا في 30 ديسمبر 2016 وتم تجاهله تماما على الأرض. وأوضح أبو زيد أن روسيا تقفز الآن لإقامة مناطق آمنة، بينما لم تكن قادرة على تطبيق التعهدات التي تقطعها وهذه مشكلة أساسية. التشكيك في الوقت الذي قالت المعارضة السورية المسلحة إنها لا تستطيع قبول خطة روسية لإقامة مناطق آمنة في سورية لأن ذلك يهدد وحدة الأراضي السورية، مشيرة في الوقت نفسه إلى أنها لن تعترف بإيران دولة ضامنة لأي خطة لوقف ِإطلاق النار، شككت الولاياتالمتحدة في أهداف المبادرة الروسية، حيث أعربت عن قلقها إزاء مشاركة إيران في اتفاقية أستانا بصفة ما يسمى ب «ضامن». وشددت على أن «نشاط إيران في سورية لم يسفر إلا عن تصعيد العنف ولم يوقفه، ودعم إيران غير المشروط لنظام الأسد أدى إلى إطالة أمد معاناة الشعب السوري». إضافة إلى أن روسيا لم تف بالتزاماتها حول إيقاف نظام الأسد والضغط عليه لاحترام ما تم التوصل إليه.