قال خبراء اقتصاديون إن قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) برفع سعر الفائدة الأساسي سيؤدي إلى آثار سلبية على الدول الخليجية التي تربط عملاتها بالدولار. وأضاف الاقتصاديون أن من بين التأثيرات خفض السيولة في الأسواق المالية الخليجية، والضغط على أسعار الأسهم والسلع والعقارات، علاوة على رفع تكلفة الاقتراض للأفراد والشركات. وأعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، مساء الأربعاء الماضي، رفع أسعار الفائدة على الأموال الاتحادية بنسبة 25 نقطة أساس، إلى نطاق 0.75 % -1%. وقرار الرفع هو الأول في العام الجاري 2017، بعد آخر زيادة في أسعار الفائدة الرئيسية التي أعلن عنها في ديسمبر الماضي، والثالث خلال عقد من الزمن. وفي خطوة مماثلة نفذت خمسة بنوك مركزية خليجية، وهي: السعودية، الإمارات، الكويت، قطر والبحرين، رفعاً فورياً لأسعار الفائدة بواقع ربع نقطة مئوية، في أعقاب قرار المركزي الأميركي فيما لم يعلن البنك المركزي العماني أية قرارات جديدة حول أسعار الفائدة. وتربط الدول الخليجية، عملاتها بالدولار الأميركي مما يحد من فرص تلك الدول في التمتع بسياسات نقدية مستقلة. وحافظت خمس من دول مجلس التعاون الخليجي، على ربط عملاتها بالدولار الأميركي لعقود، فيما ظلت الكويت هي الدولة الخليجية الوحيدة التي تربط عملتها بسلة من العملات. خطوات مماثلة قال الخبير الاقتصادي العراقي وضاح ألطه، إن إقدام البنوك المركزية الخليجية بخطوات مماثلة لرفع الفائدة، يأتي في إطار ربط عملتها بالدولار الأميركي، «وهذه ليست المرة الأولى، دائماً ما تقوم البنوك المركزية بذلك». وأضاف ألطه: «إن سلطنة عمان قد تكون الدولة المستثناة من قرار رفع الفائدة باعتبارها الوحيدة التي لم تقم بتلك الخطوة في المرة السابقة». وعُمان الوحيدة بين دول مجلس التعاون الخليجي، التي لم ترفع رسمياً سعر الفائدة على خلفية قرار المركزي الأميركي في ديسمبر الماضي، إذ ترى أن دورة الاقتصاد في الولاياتالمتحدة مختلفة عن دورة اقتصادها المحلي. وقال ألطه إن الزيادة في أسعار الفائدة لا يعد أمرا جيدا، «خاصة وأنها تتزامن مع استمرار معاناة دول المنطقة من تباطؤ الأنشطة الاقتصادية بسبب تراجع العوائد النفطية». وتوقع أن تواجه المصارف المركزية الخليجية، صعوبات أكبر للحفاظ على سياسة ربط عملاتها بالدولار، في ظل استعدادات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لرفع أسعار الفائدة في الأشهر القادمة. وألمح مجلس الاحتياطي الفيدرالي، الأربعاء الماضي، إلى إمكانية رفع أسعار الفائدة مجدداً خلال 2017، فيما يعبر عن ثقته في معدل نمو الاقتصاد الأميركي. تأثير تدريجي من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي ومدير الأصول في شركة «المال كابيتال» ومقرها الإمارات طارق قاقيش، أن التأثير لن يكون كبيراً على الاقتصادات الخليجية مع زيادة أسعار الفائدة بربع نقطة مئوية. وأضاف قاقيش: «لكن مع استمرار رفع الفائدة الأميركية تدريجياً في المرات المقبلة، سيحتم ذلك على دول المنطقة أن تسلك نفس المسلك، ما قد يؤدي إلى انسحاب السيولة من الأسواق المالية إلى الاستثمار في الودائع المصرفية، في ظل عائد أفضل ونسبة مخاطرة معدومة». وزاد: «إن اتجاه البنوك الخليجية لرفع الفائدة مثل الفيدرالي الأميركي، قد يؤدي إلى مزيد من نقص السيولة في القطاع المصرفي». وتابع قاقيش أن القطاع العقاري الخليجي الذي يعتبر المحرك الرئيسي للنشاط الاقتصادي في بعض دول المنطقة، سيكون الأكثر تأثراً بالرفع المتتالي للفائدة حيث تؤثر معدلاتها طويلة الأجل في مستويات تمويل شراء العقارات. أمر طبيعي قال الخبير المصرفي الأردني أمجد نصر إن قيام دول الخليج برفع الفائدة في أعقاب قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي، أمر طبيعي لا سيما وأن درجة الترابط بين السياسة النقدية الأميركية، وسياسات الدول المثبتة لعملتها بالدولار تزيد إلى حد التطابق. وتوقع نصر أن ينعكس تأثير رفع الفائدة سريعاً على البنوك الخليجية، حيث سترتفع تكلفة الإقراض للأفراد والمؤسسات، الأمر الذي يزيد من صعوبة وتكلفة التمويل. وأوضح أن تأثير رفع الفائدة سيضغط على نتائج أعمال البنوك، التي تأثرت سلبا بظروف تراجع السيولة في الآونة الأخيرة، نتيجة انخفاض الودائع الحكومية بسبب انخفاض أسعار النفط. وشهد العام الماضي 2016 خاصة في نصفه الأول، أكبر تراجع لأسعار النفط الخام حول العالم منذ 13 عاماً، لكن الأسعار صعدت من مستوياتها المتدنية في النصف الثاني من العام ذاته، وقفزت إلى حدود 56 دولاراً للبرميل مطلع العام الجاري.