فهد مرسال وحشة السجن وأنين الندم وحصاد الليالي الطويلة الحالكة التي تفتك بسنابل العمر والسنوات تحت مناجل خطيئة لا ترحم، ساردة بوجع قصص حكايات الدموع المراقة أوبة وانكسارا، ساجعة نائحة تحت وطأة الواقع. كل تلك الملحمة المبكية لم تشفع بكل أسى لطي صفحات خطيئة ماضية، بعد أن صافحتها يد العقاب القاسية، لتقدم لها الغفران المستحق. يشيب القلم، وتلبس الإنسانية رداء الحداد تنديدا بحال بعض نزيلات السجون، ممن ظللن حبيسات دور الرعاية الاجتماعية لرفض ذويهن الحضور لاستلامهن، بعد انقضاء فترات محكومياتهن. ليبدأ الفصل المحزن البائس، والزج بهن عنوة في سجن الخذلان الأبدي، وصراعات المستقبل المجهول. أقسى السجون رهبة وألما هي "سجون الروح"، تلك التي يشيّدها من كانوا ملاذات آمنة ذات يوم، لا مأساة تضاهي الحكم على روح تائبة بعقاب أبدي! لا يوجد مبرر في هذا العالم يأخذنا للتنكر لمن اقترف خطيئة في لحظة طائشة!. المضحك المبكي هو تناقض رؤية المجتمع للخطيئة بين المرأة والرجل، فتبديل الأدوار في بعض قصص ممن رفض ذويهن استلامهن يأخذك للضفة الأخرى من المأساة، ولا تتفاجأ إن رأيت كيف تكون الاحتفالية بالخارجين من السجون من الذكور بعكس الإناث، لذلك ربما تقام لهم الولائم، ويُحتفى بهم على الرغم من تشابه "الجناية" المرتكبة. لذلك، هل سنصل إلى المطالبة بالعدالة حتى في هذا الجور الاجتماعي أيضا؟! نهاية مأساة حبيسات السجون ونزيلات الدور الاجتماعية بعد انقضاء فترة محكومياتهن ليست عصية على الحلول. استشعار حجم المأساة بكل آلامها سيفضي إلى حلها بسنّ قوانين مشابهة لقوانين النفقة التي استطاعت وزارة العدل تطبيقها أخيرا، بإلزام الأولياء بصرف النفقة على الأبناء، ومعاقبة المماطلين. وليكن النظام وحده الذي يقتصّ ممن استبدلوا قلوبهم بأكوام حجر، وتركوا بناتهم في مهب الشتات الأبدي، وأجبروهن على تحمل مسؤولياتهن.