فيما فجر بضع نساء أنفسهن أول من أمس، عقب أن سمحت لهن القوات الحكومية في ليبيا بالمرور الآمن لمغادرة مبان كان يسيطر عليها متشددو تنظيم داعش في مدينة سرت، تحدثت عدة مصادر إعلامية مطلعة أن قوات حكومة الوفاق الليبية باتت على وشك تطهير المدينة الساحلية من رجس الدواعش، الذين سيطروا على المدينة منذ أوائل العام 2015. وما زالت القوات الحكومية تخوض حرب شوارع مع متطرفي داعش في المدينة، الذين يتحصنون في الأبنية المختلفة وبين المدنيين، في وقت أكدت فيه القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا، أن القوات الأميركية نفذت حتى يوم الخميس الماضي، 470 ضربة جوية على أهداف متعددة للتنظيم في سرت، منذ انطلاق عملياتها الجوية الداعمة لقوات "البنيان المرصوص" الحكومية، غرة أغسطس الماضي. وبحسب الناطق باسم القوات الليبية رضا عيسى، فقد فجرت امرأتان نفسيهما الجمعة الماضي، بعد أن كانتا بصحبة أطفال عقب خروجهن من أحياء سيطرة داعش في سرت، وتوجهن صوب القوات الليبية، مما أسفر عن مقتل 4 من القوات الليبية وإصابة 38 آخرين. معارك كر وفر يقاوم المتشددون المتحصنون في أبنية وجحور مدينة سرت الساحلية القوات الحكومية بكل شراسة، على الرغم من الضربات الجوية التي تستهدف أمكان تحصنهم، إذ يشير مراقبون إلى أن عناصر التنظيم لا يملكون سوى استخدام عمليات القنص وزرع المفخخات من داخل المجمعات السكنية، فضلا عن استغلالهم لحالة انشغال المجتمع الدولي لما يجري في كل من العراق وسورية، الأمر الذي ساعدهم في إعادة تمركز صفوفهم. يأتي ذلك، عقب تحرير القوات الحكومية في الأسابيع القليلة الماضية مجموعة عائلات ورهائن، تمكنوا من الفرار من قبضة التنظيم في سرت، وأغلبهم مهاجرون ينتمون إلى دول إفريقية في جنوب الصحراء، احتجزهم التنظيم أثناء عبورهم الأراضي الليبية. مواجهات مسلحة وتزامنا مع الاقتتال السياسي بين الحكومات الليبية، اندلعت مواجهات عنيفة مؤخرا بين المجموعات المسلحة في العاصمة طرابلس، أسفرت عن مقتل 7 أشخاص على الأقل، دون أية حصيلة تذكر لعدد المصابين. ومنذ سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011، تنخرط الحركات المسلحة الليبية في صراعات شبه يومية، للتمكن من النفوذ والسيطرة على الأراضي ما أمكن، الأمر الذي أدى إلى شل عمل الحكومات المتعاقبة من إعادة ترتيب النظام الأمني في البلاد، خصوصا في ظل غياب جيش وطني موحد يجمع كافة الفرقاء تحت مظلة واحدة. وعجزت حكومة الوفاق الوطني الليبية بقيادة فائز السراج المعترف بها دوليا، عن فرض سيطرتها على القوى المسلحة، حيث إن هنالك حكومة أخرى معادية لها وتدعم رئيس حكومة "الإنقاذ الوطني" السابقة خليفة الغويل الذي يرفض الرحيل، بالإضافة إلى وجود سلطة معارضة شبه حكومية بقيادة المشير خليفة حفتر، سيطرت في الأسابيع الماضية على ما يعرف بمنطقة "الهلال النفطي" -شرق البلاد-، إلى جانب وجود مجموعات أخرى مناهضة لحكومة الوفاق، وموالية لرئيس دار الإفتاء المعزول الصادق الغرياني من جهة ثانية، الأمر الذي اعتبره مراقبون مزيدا من ضبابية المشهد الليبي.