استحضر عدد من التشكيليين والتشكيليات مناسك الحج في نصوصهم البصرية، مسجلين بذلك انطباعات ومشاعر إيمانية لا تنسى، وانعكس ذلك على المتلقي الذي يجد فيها ما يربطه بمكة، وربما ذرفت عين أحدهم وهو يشاهد هذه الأعمال الفنية وما فيها من روحانية، وللوقوف على ذلك حاولت"الوطن" نقل انطباعات مجموعة ممن استحضروا مناسك الحج في أعمالهم التشكيلية، وتسليط الضوء على بعض أعمالهم. لحظة خاصة يذكر التشكيلي حسين الأسمري أنه رسم مشاعر الحج في بعض أعماله الفنية، مستحضراً القيم الجمالية والروحانية التي تعبر عن شعائر ومناسك الحج بإيقاع تتجلى فيه روح الطمأنينة والإيمان. وعن مشاعره وهو يرسم هذه الصور الإيمانية يقول "شعرت بسعادة عجيبة، فريشته تستلهم مشاهد تحمل في طياتها الكثير من المعاني والصور الإيمانية". وتؤكد التشكيلية نجاة مطهر أن فكرة استلهام مشاعر الحج في لوحاتها كانت تراودها منذ فترة طويلة، ولأن الموضوع كبير، وله محطات عدة تستحق الوقوف عليها رأت أن تسجل أهم مظاهر الحج المعروفة، فكانت لوحة بانورامية أسمتها (أركان الحج)، تصور المراحل التي يمر بها المسلم في الحج كالطواف، والوقوف بعرفة، والحلق أو التقصير، ولأنها فنانة مكية عاشت طفولتها بجوار الكعبة، وخالطت حجاج بيت الله، فقد رأت أن من واجبها كفنانة مسلمة توثيق هذا الحدث المهم في لوحاتها التشكيلية. أعمال معبرة يستحضر التشكيلي محمد بيه في أحد أعماله قول الله تعالى "وأذن في الناس بالحج"، مستخدمًا الألوان المبهجة التي تعكس روحانية هذه الشعيرة العظيمة، كما أنه استخدم تدرجات اللون الواحد دليلاً على البعد المكاني، وتلبية النداء لأداء مناسك الحج، كما يظهر في اللوحة جبل الرحمة، وانطلاق النور من غار حراء ليعم أرجاء الأرض. أما الحركة فتظهر في الخطوط العضوية التي تنساب داخل النص البصري ليدل على سهولة تنقلات الحجيج بين المشاعر. وبالنظر إلى أعمال التشكيلية عبير المنعمي نلحظ أنها رسمت لوحتها بعد عودتها من أداء المناسك، مسجلة انطباعها عن الخدمات الجليلة التي تقدمها حكومة خادم الحرمين الشريفين لحجاج بيت الله الحرام في عملها التشكيلي، لأنها تشعر بالفخر والاعتزاز تجاه هذه الأعمال الجليلة والخدمات الإنسانية، ويظهر ذلك في عملين أسمتهما (سقيا زمزم)، و(دُعاء)، داعية الله العلي القدير أن يعيد الحجاج إلى بلادهم غانمين سالمين. وبالنظر إلى عمل التشكيلي عبدالله البارقي المنفذ بألوان الباستل الزيتي الجاف على كانفس نلحظ أنه استحضر الحجر الأسود وقصة تحوله من البياض إلى السواد. ويذكر لنا البارقي مشاعره تجاه هذا العمل الذي أسماه (قصة تحول) بقوله: "عندما أرسم لوحة عن المشاعر المقدسة أشعر بروعة التعبير ممزوجا بإحساس روحاني يجعل القلب يهفو إلى تلك الأماكن المقدسة".