لكل فنان طقوسه الخاصة في الإبداع، خاصة في أيام الإجازات مثل الأعياد، فبعض الفنانين التشكيليين مثلا يرسم بنهم شديد، والبعض الآخر يحرص على توزيع كروت معايدة أو نسخ من أعماله وتقديمها إهداء إلى الأهل والأصدقاء، بينما يذهب البعض الآخر إلى استبدال الورد الطبيعي بلوحات تشكيلية موضوعها الورود والزهور. بداية علق رئيس الجمعية السعودية للثقافة والفنون في الطائف الفنان فيصل الخديدي بالقول: العيد فرحة وفيض مشاعر، والفنان يعبر بإحساسه في كل وقت، وفي كل فرصة أجد فيها خلوة مع أدواتي في مرسمي يكون بوح العمل الفني مع الفرح والتواصل وبراءة الطفولة، كلها مشاعر مختلطة تصف العيد وتنطبع على نصوصي البصرية، والعيد حالة نعيشها ونتعايش مع فرحها على الرغم من الحزن الذي يغلف أعياد الأمتين العربية والإسلامية هذه الأيام. أما رئيسة القسم النسائي بجمعية الثقافة والفنون في أبها الفنانة إيمان القحطاني، فتذكر بأنها تحرص على الرسم في أيام العيد ل"تداعياته الجميلة التي تستحث الرسام حتى ولو بالرسوم والتخطيطات الأولية، بقصد البعد عن الشخصية المملوءة بضغوطات الحياة اليومية إلى شخصية طفولية تلقائية تحمل في داخلها الفرح والسرور". وتضيف "للعيد ذكريات جميلة وإن من أجمل ذكرياته التي ما تزال عالقة في ذهني مشاركتي في معرض تشكيلي خُصص لفعاليات العيد في أبها، حيث شعرت أنني ساهمت في رسم الفرحة على محيا المتلقي". ويرى الفنان والكاريكاتوري عبدالله البارقي، أهمية المناسبة ك"حدث إسلامي فريد يحرص على توثيقه رسماً، ونقد الممارسات الخاطئة فيه كاريكاتورياً". والبارقي لا يفارق ريشته وألوانه حتى خلال شهر رمضان المبارك، وقد تستمر معه الحالة الإبداعية إلى أيام العيد الأول، يجسد فيها الفرح نصاً بصرياً زخرفياً، يحمل في طياته مشاعر الحب والسلام من خلال ما يستحضره من ذكريات قريته الصغيرة في مدينة بارق، التي ما تزال تعيش العيد بعاداته المتوارثة حتى يومنا هذا بعيداً عن صخب المدينة وضجيج التقنية. أما رسوماته الكاريكاتورية فيعدها رسائل توعوية إلى مجتمعه يسهم من خلالها في توعية مجتمعه ونقده بصورة تجمع بين ثنائية السخرية والابتسامة الهادفة. بينما يتذكر الفنان السوداني محجوب العوض، بداياته التشكيلية وارتباطها بالرسم على حيطان بيوتات قريته التقليدية وأبوابها عندما كان يرسم مشاعر الفرح والسرور المرتبطة بعودة الحجاج من مكةالمكرمة بعد أداء مناسك الحج والعمرة، فكان يرسم لوحات جدارية للكعبة والمسجد النبوي مقرونة بالزخارف الشعبية والتبريكات والعبارات الترحيبية، التي كانت تعكس فرحة العيد المرتبطة بالانتهاء من المناسك. أما عضو مجلس إدارة جمعية التشكيليين بعسير الفنان سعيد سعيّد الشهراني فيقول: أحرص على استبدال الورود الطبيعية بلوحات الورود المنسوخة على شكل بوسترات وتقديمها إهداء إلى الأحباب والأصحاب في الأعياد، ومن اللوحات التي أتذكرها جيداً لوحة رسمتها قبل أكثر من عشرين عاما للأمير خالد الفيصل، عندما كان أميراً لمنطقة عسير متقلداً السيف ويؤدي العرضة الجنوبية مشاركة منه لأهالي المنطقة في واحدة من مناسبات العيد. ويحرص الشهراني أيضاً على تسجيل الفرح في بعض مناطق المملكة المختلفة، مثل: رسم الورد الطائفي الذي يقدم في مناسبات الأعياد، ورسم الرقصات الشعبية التي تشتهر بها المناطق الأخرى. بينما يؤكد الفنان فهد النعيمة، على أن مناسبة العيد تعد فرصة لتجديد العهد بالفرشاة، التي هجرها خلال شهر رمضان المبارك فيرسم بنهم شديد خلال الأيام الأولى من العيد، وقد تستمر معه هذه الحالة طيلة شهر شوال. ومن المواقف الطريفة التي يذكرها "النعيمة" أنه في أحد الأعياد بدأ في رسم لوحة بعد صلاة العيد مباشرة ولم ينته منها إلا صباح اليوم التالي بعد أن أغلق جواله وقطع اتصالاته، وأن ذلك كان بمثابة تصالح مع ريشته التي ابتعد عنها طيلة شهر رمضان المبارك. بدوره، يرى رئيس قسم الرسم والخط بجمعية الفنون التشكيلية في الباحة الفنان عبدالله الدهري، بأن العيد فرحة يستشعرها كفنان تشكيلي بكل حب ومودة وصفاء نفس من خلال ما يرسمه لقريته التي يحن إليها بين فترة وأخرى ولا يستطيع الخروج منها، ويضيف الدهري بقوله: العيد له نكهة خاصة وطقوس جميلة لها أثر جميل يقربني من فرشاتي وأدواتي التشكيلية، وأذكر في هذا الإطار أنني صممت بطاقة معايدة فكانت بداية علاقة بين الريشة والعيد، لتصافح الأصدقاء والأقارب في زمن لم يكن للإنترنت ووسائل التقنية الحديثة وجود فكانت أشبه برسائل من القلب إلى القلب التي تفتقدها وسائل الاتصال الحديثة.