عرف المصريون فن التحطيب منذ عهد الفراعنة ثم توارثوه عبر التاريخ، في جميع أنحاء مصر، حيث وجدت نقوش على جدران معبد الكرنك وبعض المعابد القديمة، نقوش تصور حركات ما يُعرف حاليا بالتحطيب. التي تنتشر بشكل رئيسي في الصعيد "الجنوب"، حيث تسمي في العامية بلعبة "الرقص بالعصا"، وهي عبارة عن مبارزة بالعصا على أنغام المزمار بين شخصين، حولهما دائرة من المشجعين يتابعون حركاتهما بدقة، ينتظرون اللحظة التي يستطيع أحدهما إسقاط العصا من يد الآخر حتى يعلنوا فوزه والاحتفاء به، واعتبر أهالي الصعيد هذه اللعبة من أهم الفنون القتالية، وتنظم وزارة الثقافة المصرية بالتعاون مع محافظة الأقصر مهرجانا قوميا للعبة، يقام سنويا في ساحة معبد الأقصر الفرعوني في شهر سبتمبر بمشاركة لاعبين يمثلون مختلف محافظات الصعيد. شروط صارمة يقول العمدة الأمير غلاب الجهيني من محافظة سوهاج إن لعبة التحطيب لها شروط صارمة ويعتبر التميز فيها مدعاة للفخر خاصة بين عائلات الجنوب، وإن نتائج المباريات تظل عالقة في الذهن لأيام، وتتفاخر بها العائلات، وفي المقابل يمكن أن تتسب الحماسة فيها إلى معارك تنشأ بينهم، لافتا إلى أنها عنوان للرجولة والشرف والتميز بين أبناء الصعيد، وأنها تتم وفقا لقواعد صارمة وليس مجرد إمساك بالعصا، أهمها احترام الآخر، والالتزام بعدم إيذائه، وأداء الحركات بدون سخرية، والتزام الجدية، مشددا علي هناك بعض الحالات تتعرض للوفاة داخل حلبة التحطيب ولا يحق لأهل المتوفي المطالبة بالدية أو الثأر علي خلاف حالات القتل الأخرى وتشمل اللعبة علي عدة حركات منها الوضع الأفقي لصد ضربة المنافس أو الوضع الرأسي لمهاجمته، وهناك المارش الأمامي والمارش الخلفي، وأي خروج خاطي من الحلبة يعتبر نقطة سلبية، أما ضربة الرأس تساوي 3 نقاط، وضرب الجزء الأوسط من الجسم تساوي نقطتين، أما الضرب علي الساق نقطة واحدة، أما إسقاط عصا المنافس فذلك يعني هزيمته وانتهاء اللعبة. ثقافة صعيدية يذكر أستاذ التاريخ بجامعة أسيوط د.عوض صقر، أن فن التحطيب أصبح جزءا من تراث وثقافة الصعيد الشعبية، وينتشر في المناسبات الاجتماعية والاحتفالات، وفي الموالد الدينية، ويعتبرها أهالي الصعيد وسيلة للتقارب والتماسك الاجتماعي، وتجسد "العصا" بالنسبة لهم قيم الشجاعة والوفاء، ولا يعدٰونها أداة لترسيخ العنف أو القمع، موضحا أن قواعد اللعبة تشمل إشارة الانطلاق بكلمة "ساه" التي يطلقها أحد الحاضرين، وتعني أن وقت اللعب قد حان، ويقوم اللاعبان بالدوران أحدهما حول الآخر 4 مرات، لمدة لا تتجاوز الدقيقتين، ثم تنطلق أصوات تقارع العصي على أنغام "المزامير"، الآلة الموسيقية الأشهر في الصعيد، كما علي يتوجب علي لاعب التحطيب وضع طرف العصا في باطن يده حتى يستطيع التحكم بها، وهو دليل علي مهارة المحطب في اللعبة، وللتحطيب لباسه الخاص به وهو الجلباب الفضفاض الصعيدي وعمة الرأس، ويمكن أن يمارسها الرجال في أي عمر.