كشف المدير العام للهلال الأحمر بمنطقة عسير المتحدث الرسمي أحمد بن إبراهيم العسيري ل"الوطن" أن إجمالي الحالات التي تم نقلها منذ مطلع هذا العام وحتى الأيام العشر الأولى من رمضان بلغت 11 ألفا و770 حالة، فيما سجل من بينها 4404 حوادث، مشيرا إلى أن عدد البلاغات الواردة لعمليات الهلال الأحمر في نفس الفترة قد تجاوزت 23 ألف بلاغ، منها 1059 بلاغا خلال 15يوما من رمضان فقط. "الوطن" زارت فرع الهلال الأحمر بمدنية أبها وشاركت المسعفين إفطارهم في رمضان منذ الساعة السادسة مساء في غرفة العمليات، وطبيعة المهام والأعمال المنوطة بهم.
مركز العمليات أوضح القائد الميداني ياسر محمد أبوقحاص، أن مركز العمليات يستقبل البلاغات من محافظات ومدن منطقة عسير، حيث يصل البلاغ أولاً إلى المستقبل، وتتركز أغلب البلاغات في شهر رمضان على حالات الإغماء وغيبوبة السكر وانخفاض ضغط الدم، وبعد أن يستلم المستقبل البلاغ يقوم بتمريره فوراً بكامل المعلومات إلى المُرحل، وهو الشخص المعني بترحيل البلاغ لأقرب مركز إسعافي من الحادث ومتابعة الإسعاف أولا بأول. ومع اقتراب أذان المغرب يتلقى مركز العمليات بلاغات متعددة ويبدأ وقت الذروة من الساعة ال5 مساء وحتى لحظة الإفطار بسبب تهور بعض قائدي المركبات ومجازفتهم بالقيادة بسرعة عالية جداً كثيراً ما تنتهي بحوادث مأساوية مؤلمة.
حوادث قبل الإفطار عند الساعة 6:26 دقيقة تلقى المركز بلاغاً عن وقوع حادث دهس بالقرب من أحد المستشفيات الخاصة على طريق الملك فهد (أبها – خميس مشيط)، ليقوم مستقبل البلاغ بتحديد كامل المعلومات وتحديد أقرب مركز إسعافي للحادث ومن ثم تمرير البلاغ للمُرحل، وبعد وصول البلاغ للمرحل قام بإرسال البلاغ بشكل فوري لأحد المراكز الإسعافية بمحافظة خميس مشيط، واستغرق الأمر منذ ورود البلاغ حتى تحرك الفرقة الإسعافية أقل من 60 ثانية، تلقى المُرحل إشارة من الفرقة الإسعافية بأنها تحركت نحو الحادث، وفي الساعة 6:31 دقيقة وصلت الفرقة للموقع وأبلغت المُرحل بأن الحالة خطرة وأنه سيتم نقلها لأقرب مستشفى من موقع الحادث.
قصص المسعفين في تلك الأثناء ورد للمركز بلاغ لكنه كان من نوع آخر، حيث كان المبلغ هو أحد زملائهم، من محافظة المجاردة ويدعى عبدالله الشهري، الذي أبلغهم بأنه صادف حادثاً مرورياً عبارة عن انقلاب مركبة أحد الأشخاص وهو خارج وقت عمله إلا أنه توقف وباشر الحادث وقدمت الإسعافات الأولية الضرورية وبقي مع المصاب حتى وصول زملائه في الهلال الأحمر، في موقف إنساني جميل، واستذكر بعض المسعفين قصصاً إنسانية عايشوها، كان من أبرزها أن باشر أحد المسعفين حادثاً مروري ليفاجأ بأن الحادث لوالده ووالدته وقد فارقا الحياة وبعد رفعه للحالة دخل في غيبوبة رغم محاولات زملائه ثنيه عن مباشرة الحادث بعد أن اكتشفوا الأمر إلا أنه أصر.
معوقات وصعوبات حينما ارتفع أذان المغرب تناولنا الإفطار وانتهزنا فرصة توقف البلاغات لسؤال أحد مستقبلي البلاغات عن الصعوبات التي تواجهه خلال تلقي المكالمات، فقال إن أبرز المشاكل هي تشابه بعض أسماء المواقع في أكثر من محافظة فقد تجد اسم مركز أو قرية أو حي في محافظة خميس مشيط واسما مشابه له في محافظة بيشة على سبيل المثال، ولكن اعتاد المستقبلون على معرفة المواقع المتشابهة إضافة لقيام المستقبل بالسؤال عن الموقع الدقيق للحادث كي يتم استلام ومعرفة موقع الحادث بدقة. وأضاف أن من المشاكل أيضاً ارتباك الشخص المبلغ وخصوصاً النساء، إذ إن المبلغ قد يكون في حالة حزن أو صدمة أو نوبة بكاء لكن المستقبل يقوم بتهدئة المبلغ ومحاولة الحصول على موقع الحادث في أسرع وقت ممكن وطمأنة الشخص المتصل لكي يعطي الوصف الصحيح لموقع الحادث حتى تتمكن فرق الإسعاف من مساعدته ومساعدة المصابين.
الوصول للحوادث طلبنا من القائد الميداني مرافقته في عمله الميداني والاطلاع عن كثب على طبيعة العمل والصعوبات التي تواجه الفرق الإسعافية، وبعد ورود بلاغ عن وقوع حادث تصادم بالقرب من جامع البشري على طريق الخميس، رافقت "الوطن" مركبة الإسعاف المتقدم، ورافقنا الدكتور عزيز رضوان والقائد الميداني ياسر أبوقحاص، الذي كان منشغلاً خلال ذلك الوقت بمتابعة الوضع مع مركز العمليات حيث كان يطلعهم أولا بأول على خط السير، فيما قام الطبيب المرافق بتجهيز القفازات وحقيبة الإسعاف ومساعدة القائد في ارتدائها، وذلك لكسب الوقت فور الوصول للحادث، وساعد الوصول المبكر للموقع الحادث في تحديد الموقع بدقة للفرقة القادمة من حي المنسك.
نظام إلكتروني وعن سؤالنا إذا صادف أن مرحل البلاغات أراد توجيه فرقة إسعافية لموقع حادث ولكن تلك الفرقة كانت منشغلة بحادث آخر، قال إن النظام الإلكتروني يظهر الفرق المشغولة بمباشرة حادث آخر والفرق الأخرى الأقرب، وبالتالي نوجه أقرب فرقة بكل سهولة، مؤكداً وجود تنسيق مع الشؤون الصحية في الحالات الحرجة والطارئة.
ملاحقة الإسعاف قبل انتهاء الجولة تحدث أبوقحاص عن بعض المشاكل التي تواجه فرق الإسعاف خلال مباشرتها الحوادث، وأهمها هو مشكلة التجمهر حيث يعوق التجمهر عمل المسعفين وقد يتسبب في خطر للمصاب إذا تم تحريكه بطريقة خاطئة أو نقله بطريقة عشوائية حيث إن بعض الأشخاص قد يبادر من باب حب المساعدة إلى نقل بعض المصابين للمستشفى إلا أن ذلك النقل قد يكون بطريقة خاطئة بينما المسعفون المؤهلون يقومون بفرز الحالات حسب خطورتها ونقلها بطريقة آمنة. كما تحدث عن مطاردة بعض الفضوليين لمركبات الإسعاف بدافع الفضول أو عدم فتح الطريق للإسعاف، وبين وجود تنسيق مع الجهات الأمنية في هذا الجانب، حيث يتم إبلاغهم بمثل تلك الأمور كما يتم التنسيق مع المرور في فتح المسارات لمركبات الإسعاف في الحالات الطارئة وحالات الزحام المروري.