يؤدي التأخر في الكشف عن سرطان الثدي إلى تفاقم الحالة وتقدم مرحلة السرطان في غياب المعالجة المناسبة باكراً، مما يؤثر سلباً على نتائج المعالجة فيما بعد ويقلل من فرص الشفاء. د. غيث كزكز أخصائي أول طب الأورام بمركز علاج الأورام بمستشفى المركز الطبي الدولي بجدة يقول إن الخوف المبالغ به من سرطان الثدي يرتبط بعدة أفكار مسبقة ناتجة عن عدم المعرفة الصحيحة والكافية أو نتيجة خبرة مكتسبة من تجربة سيئة لإحدى المصابات من الأقارب أو الأصدقاء والتي لا يمكن تعميمها. ويضيف أنه من المهم أيضاً تغيير الاعتقاد الشائع بأن سرطان الثدي مرض غير قابل للشفاء، فالتطور الحاصل في تشخيص وعلاج هذا المرض قد قطع مراحل متقدمة، والقاعدة حالياً هي الشفاء التام وعدم رجوع المرض طالماً تم الكشف عنه مبكراً وتم تلقي العلاج المناسب في مركز طبي متخصص وعالي التجهيز فيما يخص علاج الأورام. وذكر الدكتور كزكز أن بعض الاكتشافات والأبحاث الحديثة أكدت على معالجة قسم من حالات سرطان الثدي بنجاح دون الحاجة إلى استخدام العلاج الكيماوي المتمم إذا توافرت مواصفات الخطورة المنخفضة، مضيفاً أن التطور الحاصل في طرق إعطاء العلاج الكيماوي وتطور الأدوية المساعدة قد خفف كثيراً من معاناة المريضات بمنع أو بالتخفيف إلى درجة كبيرة من التأثيرات الجانبية المختلفة للعلاج الكيماوي، كما يتم حالياً استخدام أجهزة حديثة سهلة التطبيق تخفف بفعالية عالية من احتمال تساقط الشعر بسبب العلاج الكيماوي. وفيما يخص تصوير الماموغرام، قال د. كزكز إنه لا يخلو من بعض المضاعفات، حيث قد يترافق مع بعض الانزعاج أو الألم أثناء ضغط الثدي للتصوير كما قد يترتب على نتائج التصوير إجراءات تشخيصية أخرى قد تتضمن أخذ عينة من الثدي ما قد يترافق معه بعض الآلام أو المضاعفات، ولكن تبقى هذه المضاعفات نادرة الحدوث ولا يترتب عليها نتائج سلبية بعيدة المدى عموماً. يضاف إلى ذلك مرحلة من القلق والترقب في انتظار نتيجة التصوير أو العينة، ويكون واجب الفريق الطبي المتخصص هو محاولة تقليص هذه المدة وإيصال النتيجة بالسرعة الممكنة. ويؤكد د. غيث كزكز على أهمية دعم المقربين من السيدة من أفراد العائلة والأصدقاء ومساعدتهم لها في تجاوز مخاوفها من خلال تشجيعها على التحدث عن هذه المخاوف والحرص على تلقيها للأجوبة والمعلومات الصحيحة من خلال الطبيب المتخصص والمصادر الطبية الموثوقة. وتطرق د. غيث إلى الحديث عن أنواع السرطان عموماً ومسبباتها، حيث أوضح أنه إضافة لدور البدانة المعروف في التسبب بمرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية وغيرها، فإنها تعد أيضاً من العوامل المؤهلة للإصابة بالسرطان بعد التدخين والعوامل الوراثية، خاصةً سرطانات الجهاز الهضمي وسرطان الرحم وسرطان الثدي. وذكر أن البدانة تترافق مع ارتفاع مستمر في مستوى الإنسولين وبعض الهرمونات المرتبطة به، كما تترافق مع وجود مستويات مستمرة من الالتهاب في أجسام البدناء والتي تؤهل لنشوء بعض السرطانات، كما تؤدي البدانة أيضاً إلى حصول زيادة في هرمون الأستروجين إلى مستويات قد تسبب سرطانات الرحم والثدي. وبالمقابل تظهر الدراسات حصول تحسن في مستويات وفعالية الهرمونات المعنية ومستويات الالتهاب في الجسم لدى البدء بتخفيف الوزن الزائد. ويذكر د. غيث أن الاعتقاد السائد هو ارتباط خطورة الإصابة بالسرطان والبدانة في مختلف المراحل العمرية ومن ضمنها مراحل الطفولة، ومن هنا تأتي أهمية اهتمام الأهل بالمحافظة على وزن مثالي لأولادهم منذ الولادة. ويؤكد د. غيث على دور تعليم العادات الغذائية الصحية للأطفال، حيث يسهل عليهم المحافظة على وزن مثالي عندما يكبرون، ويمكن التحكم بالوزن من خلال التحكم بنوعية وكمية الطعام والشراب ومن خلال الرياضة المنتظمة، لكنه ينصح باستشارة طبيب أو اختصاصي التغذية قبل البدء بحمية أو تمارين رياضية قاسية للمساعدة بتخفيض الوزن بشكل آمن. هل من علاقة بين النشاط الفيزيائي واحتمال الإصابة بالسرطان؟ يجيب د. غيث: من المعروف من خلال دراسات كثيرة أن نمط الحياة الخامل يزيد من خطورة الإصابة بالبدانة ومرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية، كما أنه يزيد من خطورة الإصابة ببعض السرطانات. وبالمقابل توجد العديد من الدراسات التي تثبت دور التمارين المنتظمة في تخفيف احتمال الإصابة ببعض أنواع السرطانات كسرطانات الثدي والقولون والبنكرياس والبروستات، وأيضاً في الوقاية من عودة السرطان بعد العلاج. يتحقق هذا الأثر من خلال الدور الأساسي للتمارين في الحفاظ على وزن مثالي عن طريق زيادة معدلات الاستقلاب والتخلص من المخزون الدهني الفائض، وأيضاً من خلال تأثير التمارين الإيجابي على تنظيم إفراز الهرمونات وأهمها الإنسولين، وتنشيط جهاز المناعة المسؤول عن محاربة الخلايا السرطانية حتى لو لم يتحقق فقدان الوزن الزائد بشكل كامل. وينصح د. غيث ب: تجنب فترات الخمول الطويلة أمام شاشة التلفاز أو الكمبيوتر، المشي للتنقل قدر الإمكان، استخدام الدرج عوضاً عن المصعد قدر الإمكان، الحرص على تحريك الأطراف والمشي أثناء ساعات العمل المكتبي، والنصيحة الأهم هي وجوب الانتظام بنشاط رياضي يومي لمدة 20-30 دقيقة على الأقل كالمشي السريع أو الركض أو أي نوع من أنواع الرياضات التي تزيد من نشاط القلب والدورة الدموية