د. غيث كزكز أخصائي أول طب الأورام مركز التميز لعلاج الأورام مستشفى المركز الطبي الدولي [email protected] أنا سيدة عمري 45 عاماً.. تنتابني الكثير من الهواجس فيما يتعلق بسرطان الثدي، ورغم ذلك أتردد كثيراً في عمل تصوير أشعة الثدي، بل أرفض ذلك، كيف أتعامل مع الأمر وقائياً، خاصة مع العوامل النفسية التي أعانيها؟ بينما يعتبر الخوف استجابة طبيعية تحمي الإنسان من الأخطار عموماً، فإن هذا الخوف يتحول في كثير من الحالات إلى مصدر ضرر كبير، وهو ما ينطبق هنا من خلال التأثير على قدرة السيدة على اتخاذ القرار السليم، حيث يؤدي التأخر في الكشف عن سرطان الثدي إلى تفاقم الحالة وتقدم مرحلة السرطان في غياب المعالجة المناسبة باكراً، مما يؤثر سلبياً على نتائج المعالجة فيما بعد ويقلل من فرص الشفاء. يرتبط الخوف المبالغ به من سرطان الثدي بعدة أفكار مسبقة ناتجة عن عدم المعرفة الصحيحة والكافية أو نتيجة خبرة مكتسبة من تجربة سيئة لإحدى المصابات من الأقارب أو الأصدقاء والتي لا يمكن تعميمها. لذا فنحن نراعي هذه المخاوف عند السيدة ونساعدها على تجاوزها، ونؤكد على إعطاء هذه المخاوف حجمها الحقيقي دون مبالغة أو تجاهل، وذلك من خلال التثقيف المنهجي باستخدام الشرح المبسط ووسائل الإيضاح اللازمة والإجابة عن كل الأسئلة مهما بدت بسيطة أو غير مبررة. كما نناقش عوامل الخطورة المؤهلة للإصابة بسرطان الثدي والتي قد توجد عند السيدة ونعطي تقديراً لاحتمال الإصابة في حال كانت أعلى من الاحتمال الطبيعي، إضافةً إلى شرح وسائل تخفيض الخطورة الممكن اتباعها بشكل عام كنمط التغذية السليم وزيادة النشاط البدني أو بعض الإجراءات الوقائية المطلوبة في حالة وجود خطورة مرتفعة نسبياً للإصابة. من المهم أيضاً تغيير الاعتقاد الشائع بأن سرطان الثدي مرض غير قابل للشفاء، وأود طمأنة القارئة الكريمة بأن التطور الحاصل في تشخيص وعلاج هذا المرض قد قطع مراحل متقدمة، فالقاعدة حالياً هي الشفاء التام وعدم رجوع المرض طالماً تم الكشف عنه مبكراً وتم تلقي العلاج المناسب في مركز طبي متخصص وعالي التجهيز فيما يخص علاج الأورام؛ كما أود أن أوضح للقراء أن بعض الاكتشافات والأبحاث الحديثة قد أكدت على معالجة قسم من حالات سرطان الثدي بنجاح دون الحاجة إلى استخدام العلاج الكيماوي المتمم إذا توافرت مواصفات الخطورة المنخفضة. يضاف إلى ذلك أن التطور الحاصل في طرق إعطاء العلاج الكيماوي وتطور الأدوية المساعدة قد خفف كثيراً من معاناة المريضات بمنع أو بالتخفيف إلى درجة كبيرة من التأثيرات الجانبية المختلفة للعلاج الكيماوي، كما يتم حالياً استخدام أجهزة حديثة سهلة التطبيق تخفف بفعالية عالية من احتمال تساقط الشعر بسبب العلاج الكيماوي. لا يخلو تصوير الماموغرام من بعض المضاعفات، حيث قد يترافق مع بعض الانزعاج أو الألم أثناء ضغط الثدي للتصوير كما قد يترتب على نتائج التصوير إجراءات تشخيصية أخرى قد تتضمن أخذ عينة من الثدي ما قد يترافق معه بعض الآلام أو المضاعفات، ولكن تبقى هذه المضاعفات نادرة الحدوث ولا يترتب عليها نتائج سلبية بعيدة المدى عموماً. يضاف إلى ذلك مرحلة من القلق والترقب في انتظار نتيجة التصوير أو العينة، ويكون واجب الفريق الطبي المتخصص هو محاولة تقليص هذه المدة وإيصال النتيجة بالسرعة الممكنة. وختاماً، أؤكد على أهمية دعم المقربين من السيدة من أفراد العائلة والأصدقاء ومساعدتهم لها في تجاوز مخاوفها من خلال تشجيعها على التحدث عن هذه المخاوف والحرص على تلقيها للأجوبة والمعلومات الصحيحة من خلال الطبيب المتخصص والمصادر الطبية الموثوقة.