استعرض المتحدث الرسمي بوزارة الداخلية اللواء منصور التركي مجموعة من الأساليب التي تلجأ إليها المنظمات الإرهابية لاستدراج الشباب للانضمام إليها، وتنفيذ أجندتها، وتحقيق غاياتها سواء في تنفيذ الأعمال الإجرامية داخل البلاد أو السفر للمناطق المضطربة. وأشار التركي خلال ندوة "التطرف الفكري والإرهاب" التي نظمتها جامعة الملك سعود أمس إلى أن تلك الجماعات الإرهابية تنتهج 5 أساليب، لمحاولة تجنيد الشباب السعودي لها، منها اللجوء لتشكيك الشباب في جهود الدولة لمناصرة القضايا الإسلامية والشعوب التي تعاني من ويلات الحروب في أماكن مختلفة من العالم الإسلامي، واتهامها بالتقصير في خدمتها للإسلام والمسلمين، إضافة إلى استهداف المرجعيات الشرعية، والتشكيك في نواياهم وخدمتهم للشريعة الإسلامية، وإقناعهم بأن تلك الرموز الدينية تسعى لكسب رضا الدولة على حساب الدين الإسلامي الحنيف. إثارة الفتنة بين المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية أن من ضمن الحيل التي تنتهجها الجماعات الإرهابية، إثارة الفتنة والكراهية بين أبناء المجتمع الواحد، وهذا ما ظهر جليا في المجتمع العراقي، حيث عمد الإرهابيون إلى نشر غير عادي للكراهية بين الطوائف مما حولها من مجتمع متوحد إلى مجتمع متناحر، كل طائفة تستهدف الأخرى. وقال: على المستوى المحلي، فإن تلك الوسيلة أصبحت تنتهجها هذه الجماعات سعيا منها لبث الفرقة بين المجتمع السعودي. وأضاف التركي أن من ضمن الأساليب أيضا بث الشعور بالإحباط باستغلال شبكات التواصل الاجتماعي، ومحاولة قتل الطموح لدى الشباب، وإقناعهم بغياب المستقبل، وصعوبة العيش وقلة الضمانات كالوظائف واستتباب الأمن، والتقليل من إمكانية رجال الأمن في الحفاظ على المجتمع وحمايته، حتى يدخل الشاب في حالة من القلق مما يسهل استغلاله في الأعمال والجرائم الإرهابية، إضافة إلى استغلال الذين لديهم جرائم كبيرة في عقدة الذنب والتكفير عنها بخدمة الإسلام عن طريق الجهاد. الشعور بالفشل ذكر اللواء التركي أن الوسائل الاجتماعية تعد أدوات فعالة تبث من خلالها تلك السهام إلى المجتمع السعودي، وبالتالي انتظار ردة الفعل من خلال أي شخص تأثر بتلك الرسائل المغرضة والممنهجة، فيبحث المغرر به عن وسيلة الاتصال والتواصل مع الأشخاص أو الجهات التي تبث تلك الرسائل. وأضاف أن هناك حالات نادرة استطاعت تلك الجماعات الإرهابية استقطاب بعض الشباب الذين لديهم شعور بالفشل والذين لم يستطيعوا تحقيق طموحاتهم كإكمال الدراسة أو الحصول على وظيفة، وبالتالي وجد نفسه منعزلا عن مجتمعه، فاستطاعت هذه الجماعات تجنيده في نهاية الأمر. ارتفاع الوعي المجتمعي اعتبر المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية أن هناك ارتفاعا ملحوظا لدى وعي المجتمع السعودي في التعامل مع القضايا الإرهابية ومعرفته ببوادر الانحراف لدى النشء، إضافة إلى تعاونه مع رجال الأمن، والإبلاغ عن الحالات المشتبه بها، مما أسهم في إحباط العديد من العمليات الإرهابية قبل القيام فيها. وأشار التركي إلى أن نسبة التأثر بالجماعات الإرهابية كاملة لم تتجاوز ال3200 حالة تقريبا منها 700 حالة عادت إلى الحق، وتعد تلك النسبة قليلة جدا مقارنة بالعدد الكلي للسكان في المملكة بما فيهم المواطنين والمقيمين، والتي تشير الإحصاءات إلى تجاوزهم ال30 مليون نسمة. الحلول الوقائية أشار التركي إلى أن وزارة الداخلية بذلت جهودا كبيرة لمكافحة الإرهاب منذ ظهور بوادره في المملكة، وأدركت أهمية مواجهة هذا الفكر بالفكر، مستمدة مقولة الأمير نايف- رحمه الله- المشهورة "إن مواجهة الفكر لا تتم إلا بالفكر"، حيث حرصت الوزارة بالتعاون والتنسيق مع كافة جامعات المملكة على تفعيل البحث العلمي لمواجهة هذا الفكر، ومنها إنشاء مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية وتطوير برامج المناصحة والرعاية التي ساهمت في عودة عدد كبير من المغرر بهم إلى جادة الصواب والوسطية. وقال "لا أستطيع القول إن المركز غير الناس، ولكنه ساعد من استفاد من برامجه للتمييز بين الحق والباطل، ومعرفة الأخطاء التي وقع فيها". وشدد التركي على ضرورة الاستمرار في نشر الوسطية والرد على شبهات جماعات الغلو، إضافة إلى الحاجة الماسة لوضع إستراتيجيات عملية لاحتواء الأبناء، وتنشئتهم وفق أسس التربية الإسلامية، وتطوير العلاقات والاتصال ومهارات الحوار، وهذا لا يمكن تطويره في وقت متأخر من حياة الإنسان بل في وقت الشباب. غياب الفكر التأصيلي أكد عضو مجلس الشورى الدكتور فايز الشهري، أن المتتبع لفكر داعش الإرهابي يجد أنه لا يبحث في جوانب التأصيل، ولا يوجد لديهم رموز فكرية، بل رد فعل وغضب حتى في أدبياتهم، حيث إنهم لا يجيدون التحدث باللغة العربية الفصحى، فالمتتبع لأهازيجهم التي يتغنون بها، يجدها تميل إلى ما يسمى "شيلات" وقصائد شعبية على خلاف ما كانت عليه القاعدة، حيث كانوا مهتمين بالتأصيل العلمي، ولديهم مرجعيات علمية، إضافة إلى أن أناشيدهم كانت باللغة العربية الفصحى، وشبهاتهم ناتجة عن سوء فهم بخلاف داعش الذين يعتبرون نتيجة رد فعل غاضبة بعيدة عن التأصيل الفكري.