تبقى جائزة نوبل للآداب دائماً هي الحلم الذي يداعب كافة المبدعين؛ لأنها الطريق المؤكد للعالمية. وحتى في حال عدم الفوز بها فإن الترشح لها في حد ذاته يمنح المبدع وأعماله الأدبية قدراً كبيراً من الشهرة والتألق، وربما يكون لغياب الشعر عن التتويج بهذه الجائزة منذ فوز البولندية فيسلافا شيمبورسكا عام 1996، أثر كبير في منح الجائزة هذا العام لشاعر أو شاعرة. الأكاديمية السويدية انتهت فعلياً من عملية التصويت لاختيار أحد المرشحين للفوز بجائزة نوبل في مجال الأدب للعام 2010، وسوف تعلن عن الفائز رسمياً اليوم، وهذا ما أكده بيتر إنجلوند السكرتير الدائم لدى الأكاديمية التي تتألف من 16 عضواً، في تصريحات صحفية تناقلتها وكالات الأنباء. وبشكل عام تشير بعض التوقعات إلى أن الجائزة لهذا العام تتجه نحو الشاعر السوري أدونيس والكاتبين الأمريكيين فيليب روث وكارول أوتس، والكاتب الكوري كو أون والروائية الجزائرية آسيا جبار، في حين تشير توقعات أخرى إلى وجود احتمالات كبيرة بأن يفوز الشاعر السويدي توماس ترانسترومر. وبحسب مصدر مقرب، فإن الأكاديمية فكرت هذا العام في اختيار عربي يكتب بالفرنسية لإعطائه جائزة نوبل، وهكذا تضرب عصفورين بحجر، ومن ثم كان الاسمان الأوفر حظاً هما اللبناني صلاح ستيتية والمغربي طاهر بن جلون. وقال المصدر ذاته أيضاً إنه: "من الممكن أن تعطى مناصفة بين الشاعر الإسرائيلي كنتان زاخ والسوري أدونيس، كتحريك لمفاوضات السلام المتوقفة بين سوريا وإسرائيل"، لذا - كما يقول المصدر المقرب - سيبقى هذان الشاعران في رواق المرشحين الدائمين بانتظار حدث سياسي كبير بين بلديهما ليبرر نيلهما جائزة نوبل. وربما هذه التوقعات هي ما جعلت الشاعر أدونيس يلتزم الصمت تماما ويرفض التعليق على ترشيحه العام الحالي للحصول على جائزة نوبل للآداب، على الرغم من تأكيد كافة التوقعات على احتمال كبير لفوزه بهذه الجائزة. وفي فرنسا قدم الروائي الفرنسي بيار أسولين توقعاته بخصوص الفائز بالجائزة لهذا العام، في مقال نشره، بصحيفة اللوموند، وذكر فيه اسم لزهر نحال، الناشر الجزائري المقيم في باريس وصاحب منشورات عدن، الذي يسعى، منذ سنوات، لتقديم اسم الشاعر السويسري فيليب جاكوتي كأحد المرشحين الأساسيين، سعيا منه لتمكين الشعر من استعادة مكانته في الفضاء الأدبي العالمي بعد أن تراجع أمام الرواية. كما ساهم نحال في تقديم اسم الروائي الليبي إبراهيم الكوني الذي نشر له مؤخرا رواية مترجمة إلى الفرنسية صدرت بعنوان "من أنت أيها الملاك؟". ويرمي نحال بثقله لفرض اسم الروائي الجزائري المقيم بهولندا مهدي أشرشور، للحصول على جائزة فيمينا الفرنسية. وكشف أسولين أنه توجد عدة مؤشرات تحيل إلى اسم الفائز بجائزة نوبل للآداب، منها وجود الأدب الإفريقي كضيف شرف في مهرجان جوتبورج. كما يمكن النظر إلى الفائز من زاوية ما يقوم به الناشر السويدي البير بونيي (ما يعادل منشورات جاليمار الفرنسية)، والذي استضاف هذا العام الروائي الأمريكي كورماك مكارثي صاحب رواية "الطريق". كما ركز أسولين في تقديم تخميناته على جائزة ستيج داجرمان السويدية التي عادت هذا العام للروائي الأوروجوياني إدواردو جاليانو مؤلف كتاب "شرايين أمريكا اللاتينية المفتوحة"، والذي قال عنه الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز إنه يعد بمثابة أحد أهم الكتب المفضلة لديه. وسبق لكل من النمساوية الفريد جيلنيك والفرنسي جان ماري جوستاف لوكليزيو أن حصلا على هذه الجائزة قبل حصولهما على نوبل. كما اعتبر أسولين بعض مواقع الإنترنت تسهم بشكل فعال في التأثير على قرارات لجنة جائزة نوبل للآداب، منها موقع كاتبة أمريكية مقيمة بالقاهرة قدمت، إلى الآن، اسمي اللبناني إلياس خوري والإسرائيلي عاموس عوز مناصفة، وهو ما لن يرضي، حسب أسولين، كلا الروائيين. كما أن اسم الشاعر أدونيس مازال يتردد في كواليس الأكاديمية. ومن جانب إفريقيا يعتقد أسولين أن الجائزة قد تكون من نصيب الصومالي نور الدين فارح أو النيجيري تشينوا آتشيبي أو الجزائرية آسيا جبار. وربما تكون رؤية أسولين بالنسبة لإفريقيا مستندة إلى توقعات عديدة بأن تكلل هذه الجائزة شاعرة إفريقية، غير أن كل الاحتمالات الأخرى تبقى واردة إلى أن يعلن اسم الفائز أو الفائزة. وتستند الترجيحات بكل بساطة إلى معطيات الجوائز في السنوات الماضية، وهي تشير إلى أن أوروبا هي القارة التي حازت على أكبر عدد من جوائز نوبل، وأن هذه الجوائز المرموقة أهملت النساء حتى الآن وأن الشعر غير ممثل بشكل مناسب بين الفائزين، فضلا عن أن الأكاديمية السويدية تبدي ميلا إلى الأعمال الأدبية الملتزمة سياسياً. والاستنتاج المنطقي هو أن الجزائرية آسيا جبار ستكون الفائزة هذه السنة، وإن كان اسم هذه الأديبة التي أصدرت إلى جانب روايات كثيرة مجموعة شعرية بعنوان "قصائد للجزائر السعيدة"، يرد بانتظام في قوائم المرشحين، فإن مؤشرات قوية ترجح أنها ستنال الجائزة حتماً هذا العام، غير أن آسيا جبار التي ورثت مقعد جورج فيديل في الأكاديمية الفرنسية عام 2005، تكتب بالفرنسية، وقد منحت جائزة نوبل للآداب إلى فرنسي هو جان ماري جوستاف لو كليزيو منذ وقت غير بعيد (عام 2008)، وهنا تتجه الترجيحات إلى البحث عن خيوط في قطاع بيع الكتب في السويد، ليتبين أن معرض الكتاب في جوتيبورج الذي جرى بين 23 و26 سبتمبر المنصرم كان مخصصاً هذه السنة لإفريقيا، وهنا تقول المديرة الإعلامية للمعرض بيرجيتا ياكوبسون إيكبلوم "لاحظنا اهتماما كبيرا جدا بالمواضيع الإفريقية، وبالتالي قد يكون الفائز كاتبا إفريقيا". وتضيف: "دعونا هذه السنة (الصومالي) نور الدين فرح و(الكيني) نجوجي واتيونجو وكلاهما يمكن أن يفوز بالجائزة"، مشيرة إلى أن "جميع أعضاء الأكاديمية يزورون كل سنة معرض جوتيبورج". وتتوقع دار ألبرت بونيير للنشر السويدية "مفاجأة هذه السنة أيضاً"، بعدما فاجأت الأكاديمية الجميع العام المنصرم باختيارها الكاتبة الرومانية الناطقة بالألمانية هيرتا مولر. وقال المدير الأدبي للدار يوناس إكسلسون "أحاول منذ سنوات أن أتوقع (اسم الفائز)، لكنني لم أصب مرة!". ويوضح أن "المؤشر الوحيد الذي تعطينا إياه الأكاديمية هو أن الفائز ينبغي أن يكون شاهد عيان على أمر ما.. ذي أهمية بالنسبة للعالم". وإزاء طرح إمكانية أن يطابق هذا الوصف صحفيا، يقول إكسلسون إن الجائزة يمكن فعلا أن تذهب لصحفي لكن بشرط أن يكون "مرآة للعالم"، وأن يكون "رحالة، كاتب تحقيقات كبيراً مثل (ريشيارد) كابوتشينسكي الذي لو لم يمت قبل سنتين لفاز بها". فمن الحقائق المؤكدة النادرة في هذا المجال أن الأكاديمية لا تكافئ سوى الكتاب على قيد الحياة. ومن الطروحات السارية أيضا أن الأكاديمية قد تعطي الأفضلية لكاتب ناطق بالبرتغالية بعد وفاة جوزيه ساراماجو الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 1998، ولا سيما مع ورود عناصر متفرقة في الإعلام وعلى الإنترنت تدعم هذه الفرضية ولو بدرجات متفاوتة من المصداقية. ويذكر في هذا الإطار على الإنترنت أن الكاتب إدواردو جاليانو المتحدر من الأوروجواي حصل على جائزة ستيغ داغرمان عام 2010، تماما مثل لوكليزيو وألفريدي يلينكي في العام الذي حصل كل منهما فيه على جائزة نوبل في 2008 و2004 على التوالي. وكتب بيورن هاكانسون في مقالته إنه منذ البولندية فيسلافا شيمبورسكا عام 1996 "مضت ثلاث عشرة سنة بدون شعر! هذا لم يحصل مرة في تاريخ جوائز نوبل" متسائلاً: هل الطابع غير المادي للشعر الذي لا يدر أي أرباح تجارية يجعله غير جدير باهتمام الأكاديمية؟. وأخيراً هناك المراهنون على أسماء الفائزين وما تحمله آراؤهم من اعتباطية، وفي هذا الإطار كان الكاتب من الباراجواي نستور أماريا الأوفر حظا في دار المراهنات يونيبيت، فيما ترانسترومر الأقل ترجيحا لدى لادبروكس.