لم تفتأ الحكومة الإيرانية عن محاولاتها لإيجاد مخرج لحليفها الحوثي من الهزائم القاسية التي مني بها خلال الفترة الماضية، حيث كثفت مؤخرا من مساعيها الرامية إلى إيجاد مخرج سلمي للأزمة. بعد التقدم الكبير الذي يحققه الثوار في مختلف جبهات القتال، وهو ما أكد بصورة واضحة أن الرهان العسكري على الحوثيين لم يعد مجديا، لا سيما بعد أن أحكمت قيادة التحالف العربي الحظر المفروض بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 على كل المنافذ البحرية والبرية والجوية، مما حرم الانقلابيين من الحصول على أي دعم خارجي. وأعلنت طهران أول من أمس أنها تواصل السعي بحثا عن حل سياسي ينقذ حلفاءها من الانهيار الكامل، وأبدت تأييدها الكامل للمحادثات التي لا تزال تجري في العاصمة العمانية، مسقط، وقال مساعد وزير خارجيتها للشؤون العربية والأفريقية حسين عبداللهيان إن بلاده "تؤكد على التركيز على حل سياسي وعدم فاعلية اللجوء إلى القوة". مضيفا أن طهران تجري مشاورات مستمرة مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وتدعم في الوقت نفسه أي جهد يبذل لإنجاح المفاوضات، والتوصل إلى نتائج منصفة وعادلة. مساع محمومة وفيما تؤكد طهران جديتها في البحث عن حلول سلمية، جزم سياسيون يمنيون أنها تريد إنقاذ حليفها الحوثي، وخروجه بأقل الأضرار من المواجهة غير المتكافئة التي أدخل نفسه فيها، عندما قرر مواجهة القوة العسكرية الهائلة التي تمتلكها قوات التحالف، وهو ما تسبب في وقوع خسائر كبيرة وفادحة في صفوف قواته، تمثلت في مقتل الآلاف منهم، وتدمير غالبية القوة العسكرية التي كان يعول عليها لمواصلة اعتداءاته. وأضافوا أن النظام الإيراني بعد فشل المخطط الذي عمل عليه لسنوات طويلة، من خلال توفير الدعم العسكري والمادي لحليفه الحوثي، يريد ضمان بقاء وجود للحوثيين في الخريطة السياسية اليمنية، مشيرين إلى لجوئه للمناورة ومحاولة الحصول على أكبر قدر من المكاسب للانقلابيين، إلا أنهم قطعوا بعدم إمكان مرور هذه المحاولات على قيادة التحالف الدولي والمقاومة الشعبية التي أصبحت هي صاحبة الكلمة العليا، عطفا على الانتصارات المتوالية التي تحققها، لا سيما بعد اقتراب الثوار من العاصمة صنعاء. تنازلات مؤلمة خلص هؤلاء إلى أن أمام المتمردين الحوثيين حلين لا ثالث لهما، إما القبول بتنفيذ قرارات المجتمع الدولي، والانسحاب إلى مناطقهم الأصلية، أو مواجهة مصيرهم المحتوم بالهزيمة الكاملة. ولا يقتصر التهديد الذي تمثله الهزيمة الحتمية على الحوثيين فقط، بل تشمل كذلك حليفهم المخلوع علي عبدالله صالح، ما دفع الجانبين لتقديم تنازلات كبيرة لأجل إنهاء الأزمة. وكشف المتحدث باسم حزب المؤتمر الشعبي العام عبده الجندي عن تنازلات جديدة، قال إن حزبه وجماعة الحوثي تقدموا بها لإنهاء الصراع القائم في اليمن. وأضاف في تصريح أن حزبه وجماعة الحوثي قدموا تنازلات كبيرة، خلال لقائهم الأخير ولد الشيخ في مسقط، من أجل إنهاء الصراع في البلاد. مع أنه لم يحدد طبيعة تلك التنازلات، إلا أنه قطع بالقول إنهم قدموا "أقصى ما يمكن تقديمه من تنازلات".