الخط يبقى زماناً بعد كاتبه، وخاصة إذا كان منقوشا على صخر الجرانيت. تجسيدا لهذه العبارة، لا تزال أبيات من معلقات امرئ القيس والأعشى والنابغة الذبياني وعمرو بن كلثوم، وحسان بن ثابت وكعب بن زهير، صامدة على صخور عكاظ تقاوم عوامل النحت والتعرية بعد أن نقشها النحات محمد الثقفي بطريقة تتلاءم مع طبيعة السوق الجغرافية والتاريخية. وترك الثقفي بصمة تاريخية على صخور عكاظ لن يمحوها الزمان، ولن تطمسها عوامل النحت والتعرية، ورغم مرور سبع سنوات عليها، إلا أنها ما زالت تبهر الجميع. وكان الثقفي الذي يرأس لجنة الفنون التشكيلية، في فرع جمعية الثقافة والفنون في الطائف قد نقش أبياتا من المعلقات على 22 صخرة عام 2009، واستغرقت عملية النقش والحفر 11 يوماً بمعدل 17 ساعة يوميا. ولم يقتصر العمل التاريخي على الأبيات الشعرية التي اختارتها اللجنة المنظمة لسوق عكاظ، بل نقش كذلك عبارات إرشادية باللغتين العربية والإنجليزية، إضافة إلى شعار السوق. وقال الثقفي إن "عملية النقش كانت على صخور الجرانيت التي تم جلبها من مناطق من شمال الطائف، وتم النقش عليها بعمق 2 سم، وهذا يعني أن النقوش لن تتأثر بعوامل التعرية". وأشار الثقفي إلى أنه تقدم بمقترحات للمساهمة في سوق عكاظ يتطلع إلى تنفيذها، ومن أبرزها نقش أبيات من قصائد شعراء عكاظ الحديثين خلال دوراته التسع، مشيراً إلى أنه ساهم أيضا في نحت هدايا المكرمين في السوق في دورته الماضي. من جهته، قال أستاذ الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود، الدكتور ناصر البراق إنه وقف كثيراً أمام الأبيات الشعرية المنقوشة بحرفية، مشيراً إلى أن هذا العمل المتقن من حيث اختيار الأبيات، ومن حيث نقشها بخط جميل سيظل خالدا في تاريخ السوق الجديد، وأوضح أن نقش أبيات المعلقات بطريقة تلائم تاريخه وفيها تمازج بين تاريخ السوق ومستقبله، مبينا أن شعراء عكاظ الحديثين بحاجة لتخليد قصائدهم لتبقى للأجيال. يذكر أن الثقفي حاصل على درجة الماجستير في النحت، ومثل المملكة في كثير من المناسبات الرسمية في مختلف دول العالم، وحصل على عدد من الجوائز على مستوى المملكة والعالم العربي، وشارك في 40 معرضا بالمملكة و15 خارجها.