يستقبل أهالي طريف شهر رمضان بتقاليد متوارثة منذ قدم الزمن من خلال تبادل جزء من وجبات الإفطار بين الجيران، وذلك قبل أذان المغرب بدقائق وهو ما يعرف فيما بينهم بمسمى "الغريف" الذي بات عرفا اجتماعيا وعاده تحرص كثير من الأسر على أحياها بين أحياء المحافظة في مشهد يعزز من التلاحم والتكافل بين الأسر. تقول "أم خالد" الرويلي إنها لا زلت تحرص على توزيع "الغريف" على جيرانها داخل الحي خلال أيام متفاوتة خلال شهر رمضان، ورغم أنه قد لا تضيف تلك الوجبة المرسلة شيئا كبيرا على مائدة الإفطار، إلا أنها تؤكد أنها تكمن أهميتها في أنها تعطي مدلول على حسن الجوار والألفة والمحبة بين الأسرتين وزيادة الترابط فيما بينهما والشعور بالاستقرار والأمان. "أم محمد" الأشجعي تقول أنه جرت العادة في "الغريف" المرسل المحمل بجزء من مائدة الجيران الرمضانية بأنه لا يتم إعادة الأواني فارغة حال وصولها بل تحرص الجارة الأخرى على ملء تلك الأواني من جديد بأصناف مما تم إعداده من مائدتها لترسلها في نفس الوقت في اليوم التالي، وذلك كتعبير بمبادلة نفس المشاعر والتقدير ومحبه بين تلك الأسر، لافتة إلى أنه في السابق كان يتم تكريم الأطفال الصغار في السن ممن قد تمكنوا من صيام اليوم كاملا وذلك بحملهم "للغريف" والذهاب به إلى الجيران تشجيعا لهم لمواصله الصيام خلال الأيام المقبلة. وتضيف مشاعل العنزي أن عادة تبادل الإفطار بين الجيران خلال رمضان كانت منتشرة في المنطقة الشمالية بشكل كبير، لكنه في الوقت الحالي أصبحت بعض الأسر لا تحرص على القيام بذلك الموروث الشعبي الاجتماعي خاصة من الجيل الجديد من النساء من المتزوجات خشية البعض منهن أن تفسر أن قامت بإرسال جزء من مائدتها الرمضانية على أنها صدقه واحتياج وعوز للجيران المرسل إليهم مما قد يوقعها في حرج معهم، فيما ترى أن الهدف أسمى من ذلك وهو إعطاء انطباع عن زيادة التآخي وتأكيد للمقولة الشهيرة.. "بينا عيش وملح" عندما تردد كتعبير جلي أن أفراح الجيران وأتراحهم واحدة. "نوف" أم فهد تلاحظ من أنه على مائدة الإفطار لا يحلو لأطفالها إلا تذوق أولا ما يصلها من جارتها من بدء جميع الأصناف الموجودة المخصصة لهم على مائدة الإفطار، وهو شعور لم تستطع تفهمه، وهو بدوره ساهم كما تقول في انعكاس في زيادة المحبة كثيرا بين أطفال الحي بشكل عام. ومن جانبه، يؤكد أخصائي علم النفس والاجتماع بمستشفى طريف العام الدكتور محمد عبدالله أن مثل تلك العادات الشعبية من شأنها أن تجعل المجتمع مترابطا ومتلاحما فيما بينه من خلال الإحساس بالآخر باعتبار أن هؤلاء الجيران سيتجسد لديهم الإحساس جراء ذلك بأنهم يجمعهم مصير مشترك في مأكلهم ومشربهم وحياتهم العامة، امتثالا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر".