في رمضان يحرص الصائمون على أن يكون إفطارهم شهيا ولذيذا ويتناولونه وسط أهلهم وذويهم في أجواء مطمئنة تدفعهم للاستزادة من دعوات الإفطار، إلا أن لإفطار الأبطال المرابطين من رجال حرس الحدود والقوات المسلحة في الخطوط المتقدمة في الحد الجنوبي وضع آخر ولذة لا تساويها لذة، إذ يتناولون الإفطار الرمضاني المختلطة رائحته برائحة البارود على أصوات المدافع والقصف وأزيز الطائرات. الأشاوس المرابطون الصائمون لا يعرفون انتظار أذان المغرب أمام موائد الإفطار، فهم مشغولون بما هو أفضل من انتظار الإفطار، وشغلهم الشاغل دحر العدو والميليشيات عن حدود بلاد الحرمين، يكتفون بحبات من التمر وشربة ماء لإفطارهم وأعينهم تراقب الحدود لحظة وأيدهم لا تفارق زناد النار، هذا هو حال إفطار جنود سلمان الأبطال المرابطين على خط النار في الحد الجنوبي بمنطقة جازان الذي رصده فريق وعدسات "الوطن" أمس، خلال جولة في الخطوط المتقدمة. وبدأت الجولة بعد ظهر أمس، وما أن اقتربنا من الخطوط المتقدمة حتى قابلتنا أصوات المدافع والدبابات والقصف الذي لا يتوقف رغم درجات الحرارة العالية وشدة الصيف الحارق، ورغم هذه الأجواء الخانقة رصدنا مدى جاهزية وتمركز رجال القوات المسلحة وحرس الحدود الصائمين، وما تتمتع به هذه القوات من تكتيك عسكري دقيق، كما رصدنا حرص الأشاوس الصائمين على تلاوة آيات من القرآن الكريم سواء من حفظهم أو من المصاحف التي لا تفارق جيوبهم وذلك كلما هدأت حدة القصف. ورصدت "الوطن" حركة كبيرة لتجهيز وجبات الإفطار، حيث ازدادت مع قرب آذان المغرب وتيرة القصف وانتشر دخان بارود مدافع ورشاشات وذخيرة الأبطال الصائمين في الأرجاء لدحر محاولة تسلل للعدو، وغطت أصوات القصف على صوت الآذان وما هي إلا لحظات حتى أخرج جنود الوحدات الصائمين حبات تمر وبضع قوارير من الماء وتناول البعض منهم إفطارهم المختلط برائحة البارود فيما بقي البعض على زناد إطلاق النار، وما إن فرغت الفرقة الأولى من تناول إفطارها السريع حتى عادت لزناد النار وجلست الفرقة الثانية تتناول إفطارها. وفي موقف رهيب آثار الدهشة تناول فريق "الوطن" الإفطار مع هؤلاء الأبطال الصائمين، في جو إيماني تسوده الأخوة والمحبة والطمأنينة. وأكد عدد من الجنود المرابطين بأنهم يستمتعون جدا بالإفطار المبارك مع زملائهم الأبطال، مبينين بأنهم يفضلون هذا الإفطار المختلط رائحته برائحة البارود على الإفطار مع أهلهم وذويهم.