بعد أيام قليلة على المظاهرات التي شهدتها العاصمة صنعاء ومحافظة إب، للمطالبة برحيل ميليشيات الحوثي وتوفير الخدمات الأساسية والإفراج عن المختطفين، تجددت تلك المظاهرات مرة أخرى، ولكن بشكل أكثر ضراوة. وفي صنعاء، خرجت مظاهرة حاشدة أمس، ردد خلالها المحتجون هتافات تطالب برحيل ميليشيات الحوثي من العاصمة، وإخلاء مؤسسات الدولة وتسليم الأسلحة المنهوبة، وتوفير الخدمات الأساسية. كما ندد المشاركون باحتكار ميليشيات الحوثي للمشتقات النفطية لعناصرها، وبيعها في السوق السوداء، والعقاب الجماعي الذي تفرضه على سكان العاصمة، نتيجة انقطاع التيار الكهربائي والماء عن معظم أنحاء المدينة، للشهر الثالث على التوالي.وبمجرد خروج المظاهرة من ساحة التغيير، تصدت عناصر الحوثيين للمتظاهرين وفرقتهم باستخدام الرصاص الحي، كما اعتدت على كثير من الناشطين. أما في محافظة إب، فقد خرج مئات الشباب مجددا في مظاهرة رفضا للميليشيات ودعما للمقاومة الشعبية. وجدد المتظاهرون دعمهم للشرعية الدستورية، المتمثلة في الرئيس عبدربه منصور هادي، ورفضوا الحروب العبثية التي تشنها ميليشيا الحوثي وصالح على عدد من المحافظات. وأشار المشاركون في التظاهرة إلى الوضع الاقتصادي المتردي، وانعدام المشتقات النفطية والمواد التموينية، مستنكرين استئثار ميليشيا الحوثي، وكبار اللصوص التابعين للميليشيات لتلك المواد، بحجة استخدامها كمجهود حربي لعدوانهم على المحافظات الجنوبية والشرقية والمناطق الوسطى. بينما يتولى مندوبون عنهم بيعها في السوق السوداء ويحرمون منها المواطنين. وهنأ المحتجون المقاومة الشعبية بانتصاراتها في محافظة الضالع على ميليشيات الحوثي وصالح، مؤكدين دعمهم الكامل للمقاومة الشعبية في كل المحافظات. كما طالبوا عناصر الميليشيات بسرعة إخلاء محافظة إب، ومؤسسات الدولة، وعدم استخدام طرق المحافظة كمعابر وممر لأرتالهم العسكرية ضد محافظتي الضالع وتعز. ودعوا كذلك إلى سرعة الإفراج عن المختطفين، معلنين رفضهم استخدام المختطفين دروعاً بشرية، وطالبوا بمحاكمة ومحاسبة ميليشيات الحوثي وصالح، والتحقيق مع قياداتها باستخدام المختطفين دروعا بشرية كما حدث الأسبوع الماضي في مدينة ذمار. ويرى المحلل السياسي سعيد الرفيدي أن تلك المظاهرات لها دلالات كثيرة، مشيراً إلى أن التظاهر في ظل الأوضاع التي يعيشها اليمن في الوقت الحالي، يؤكد حقيقة واحدة، هي أن الشعب لا يخشى تلك الميليشيات التي لا تعرف سوى لغة العنف والإرهاب، وقال في تصريحات إلى "الوطن" "الشعب العظيم أثبت أنه لا يخشى المتمردين، فالوضع المعيشي والأمني وصل إلى مستويات لم يعد بإمكان الشعب اليمني أن يصبر عليها، لذلك خرجت هذه المظاهرات العفوية التي تؤكد أن الوضع قابل للانفجار في أي لحظة، فالشعب المظلوم يرى أنه بينما يعيش سواده الأعظم في شظف ومعاناة فإن قلة بسيطة تستأثر بكل المشتقات النفطية، والمواد الغذائية التي جلبتها سفن الإغاثة للبلاد، واحتكرت كل هذه المواد لمصالحها ومصالح الموالين لها، وحرمت منها غالبية الشعب الذي بات يعاني الأمرين". ومضى الرفيدي بالقول إن الأيام المقبلة سوف تشهد بالتأكيد تزايدا كبيرا في هذه المظاهرات، كنتيجة حتمية لتواصل المعاناة واستفحالها، وأضاف "ما يعيشه الشعب اليمني في ظل الأوضاع الحالية لم يسبق له مثيل في تاريخ اليمن، فالمواد البترولية شبه معدومة، ما أعاد الناس إلى عصر استخدام الدواب في تحركاتهم داخل المدن، كما أن شبح الجوع يخيم فوق رؤوسهم، وما يزيد في معاناتهم أنهم يرون غيرهم وهم يتمتعون بمواد الإغاثة والمساعدات الإنسانية التي دخلت البلاد خلال الفترة الماضية. وتركوهم يقاسون مشقة الجوع. وإضافة إلى كل هذا يواصل الانقلابيون استفزاز الشعب، عبر مواصلة اختطاف الناشطين السياسيين، وكل من يخالفهم الرأي، ولا يحتفظون بهم في معتقلات كما جرت العادة، بل يتخذونهم دروعا بشرية، عبر إرسالهم إلى مناطق يتوقع قصفها، ويعرضون حياتهم للموت، كما حدث في حالة الصحفيين عبدالله قابل ويوسف العيزري، اللذين قضيا مع غيرهما بعد أن اتخذهم الحوثيون دروعا بشرية". وختم الرفيدي حديثه بالقول "ممارسات الحوثيين الاستفزازية بحق الشعب فاقت كل الحدود، وإذا لم تشهد الأيام المقبلة تغيرا جوهريا، فإن الأحداث في اليمن ستتجه إلى تصعيد غير مسبوق، ولن يكون بإمكان أحد توقع ما سيحدث أو السيطرة على مجريات الأمور".