في كل حادثة يطل علينا الفكر الداعشي المتطرف الذي اعتنق مبدأ التفجير وجز الرؤوس، وكان آخرها تفجير الداعشي صالح القشعمي نفسه في جامع الإمام علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، في بلدة القديح بمحافظة القطيف، وسط مواطنين آمنين، حضروا لأداء صلاة الجمعة، ليتحول الجامع إلى أشلاء وبركة من الدماء. واللافت في هذه الخلية الإرهابية التي تقف وراء تلك الجريمة النكراء، التي تمكن رجال الأمن من القبض عليها، أنها تضم ثلاثة أطفال تراوح أعمارهم بين 15 و16 سنة، الأمر الذي يثير الشفقة على أطفال قتلت براءتهم، بينما من كان في سن هؤلاء يجلسون على مقاعد الاختبارات أمس، ولكن أيدي التطرف حولت أطفال الدواعش إلى السجون والمعتقلات. وأجمع مشايخ وعلماء الجريمة على خطورة تسلل الفكر الداعشي إلى الشباب والأطفال، محملين جهات عدة مسؤولية تقاعسها عن أداء دورها، إضافة إلى ضعف الرقابة الأسرية. وفي السياق نفسه، أكد عضو لجنة المناصحة بوزارة الداخلية عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الشيخ الدكتور محمد الفيفي في تصريح إلى "الوطن" أمس أن هناك فرقا بين الشباب المنتمين للفكر الداعشي وشباب تنظيم القاعدة، موضحا أن الداعشي ولد عاق للقاعدة، بينما أبناء جبهة النصرة بايعوا زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، ولكن داعش تمرد على الظواهري وخلع البيعة. وأشار إلى أن داعش تفوقت على القاعدة في الإجرام والوحشية. وعن كيفية تمكن داعش من تجنيد الأطفال وضمهم لصفوف التنظيم، أكد الشيخ الفيفي أن ذلك الاصطياد السهل نتيجة عدم وجود العلم الشرعي الكافي لدى الأطفال، ما يدفعهم إلى الانضمام بسهولة للتنظيم، بينما الكبير يصعب عليهم إقناعه. وحول وجود أسماء لأسر كان من بينهم مطلوبون أو مقبوض عليهم ضمن أعضاء الخلية التي أعلنت عنها وزارة الداخلية أخيرا، أكد الفيفي أن الشاب يتأثر بأفراد العائلة إذا كان من بينهم مطلوب أو موقوف، إما فكرا أو من باب التعصب لأبيه أو أخيه. إلى ذلك، حمل البروفيسور في مكافحة الجريمة مستشار جامعة القصيم مستشار أمير منطقة القصيم الدكتور يوسف الرميح عددا من الجهات المعنية، من بينها الأسرة، مسؤولية سقوط الشباب والأطفال في مستنقع الإرهاب. وقال في تصريح إلى "الوطن" أمس إن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي أتاح لأصحاب الفكر الداعشي والقاعدة استغلال صغار السن وجرهم إلى أفكارهم المتطرفة، مشيرا إلى أن معظم من يتواجدون في مواقع التواصل هم صغار السن، حيث إن مشاهدة صغار السن للتفجير وقطع الرؤوس في "تويتر" وغيره يجعل الشاب ينجرف خلفها، خصوصا عندما يغرر به وتصوير ذلك على أنه نوع من أنواع الجهاد وتحرير البلاد. وحمل الرميح الأسرة مسؤولية ذلك لغياب الدور الرقابي، إضافة إلى غياب دور المسجد والمدرسة في تحذير الشباب من تلك المنزلقات، مضيفا أن الجماعات المتطرفة تستغل من لهم حضور في مواقع التواصل لينضموا إلى صفوفها. وعن الدور الأمني للمدرسة، أكد الرميح أن هذا الدور غائب، إضافة إلى غياب دور المسجد، مؤكدا أن من أسباب التغرير بالشباب أنهم دخلوا عليهم من باب الشبهات في الجهاد وإخراج اليهود من جزيرة العرب وقتل الشيعي. وحمل الرميح جميع الجهات المعنية مسؤولية ما يحدث، منوها في هذا السياق بجهود المؤسسة الأمنية التي تحملت أعباء تقصير الجهات الأخرى.