نشر قسم القضايا والتحليلات في مركز روابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، أول من أمس، تحليلا يشرح أهمية المكانة الاستراتيجية لليمن في المنطقة والعالم، ويركّز على أن اليمن بالنسبة إلى دول الخليج الآن تُعد بمثابة "الخاصرة الرخوة"، التي لا مجال لتجاهل ما يجري فيها، أو السكوت عنه. ويوضح التحليل أن الأحداث المتعاقبة في اليمن، بعد انطلاق عاصفة الحزم، فجر ال26 من الشهر الماضي، التي بدأها تحالف عربي مكون من عشر دول بزعامة المملكة، طرحت تساؤلات عن الأسباب التي دفعت هذه الأطراف للمشاركة في هذا التحالف، بغض النظر عن طبيعة المخاطر والتداعيات التي تنجم عنها، وهل تنحصر هذه الأسباب والضرورات فقط في الجانب الأيديولوجي والطائفي فقط، أم أن هناك أبعادا جيواستراتيجية بالغة الأهمية، تتعلق بالمكانة الاستراتيجية لليمن في المنطقة والعالم، وبالتحديد بسبب مضيق باب المندب، والمخاوف التي راودت الكثيرين بشأن إمكانية تحكُّم إيران من خلال حلفائها الحوثيين بهذا المضيق الحيوي.. أهمية اليمن الاستراتيجية تسعى إيران، وفقا لتقارير غربية، إلى وضع استراتيجية عسكرية تمتد إلى عام 2025، تهدف إلى نشر قواتها البحرية من مضيق هرمز إلى البحر الأحمر إلى مضيق ملقا. ففي هذه الحالة تكون قادرة على تهديد حركة نقل النفط البحرية من خلال سيطرتها على مضيق هرمز من ناحية، ووجود حلفائها من الحوثيين على مضيق باب المندب، بعد سيطرتهم على ميناء الحديدة من ناحية أخرى، وهو ما يضيف لها أوراق ضغط في علاقاتها الإقليمية والدولية. وفي هذا الصدد، فإن ما ذكره الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، قبل أشهر، بأن هدف الحوثيين هو الوصول إلى البحر الأحمر، وأن السيطرة على باب المندب "ومضيق هرمز" تغني عن امتلاك قنبلة نووية يبدو صحيحا، كما يُعد الصومال بالنسبة إلى إيران من النقاط الاستراتيجية، لإكمال دائرة سيطرتها على المنطقة. مصر وقناة السويس تمثل سيطرة الحوثيين على اليمن تهديدا مباشرا للأمن المصري، خصوصا لقناة السويس، عبر التأثير سلبا في معدل مرور السفن بها، وبالتالي التأثير في إيراداتها أو تعطيل التوسعات الجديدة فيها. إذ تدر قناة السويس نحو 5.6 مليارات دولار لمصر سنويا، وبما يعادل نحو 10% من إيرادات النقد الأجنبي للبلاد. في السياق نفسه، جاءت التصريحات والمواقف واضحة وحازمة، بأن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي حيال ما يجرى في اليمن. في إطار الاستراتيجية الإيرانية للتوسع في منطقة القرن الأفريقي، فإن لإيران وجودا في الطرف الآخر للمضيق الواقع في إريتريا، وهو وجود يلفه نوع من الغموض الناتج عن تكتم الطرفين عليه، ففي مايو 2008، زار الرئيس الإريتري أسياسي أفورقي طهران، ووقع الطرفان اتفاقات عدة لتقوية التعاون بين البلدين في مجالات التجارة والاستثمار. وفي 2009، وهو العام الذي دعمت فيه إريتريا علنا البرنامج النووي الإيراني، قام بنك تنمية الصادرات الإيراني بتحويل 35 مليون دولار أميركي لمساعدة الاقتصاد الإريتري.