في أول دعوة توجهها السعودية إلى إيران لفتح صفحة جديدة للعلاقات بين البلدين بعد بدء العملية العسكرية الرامية لاستعادة الشرعية في اليمن من قبضة الحوثيين المدعومين من طهران، وضع وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل الإيرانيين أمام اختبار نوايا لمعرفة ما إذا كانوا جادين في رغبتهم بتحسين علاقاتهم مع المملكة أم لا. وقال الفيصل أمام أعضاء مجلس الشورى أمس "إننا اليوم لن ندين إيران أو نبرئها من الاتهامات الملقاة على عاتقها، ولكننا سنختبر نواياها بأن نمد لها أيدينا". وفيما استبعد الفيصل أن تلجأ قوات التحالف التي تقودها المملكة إلى التدخل البري في اليمن، قال "نحن لسنا دعاة حرب ولكن إذا قرعت طبولها فنحن لها جاهزون". وشخص وزير الخارجية واقع كثير من قضايا المنطقة، لافتا إلى أن اليمن السعيد يئن من آلامه، متهما الحوثيين وأعوان صالح بقيادة مؤامرة ضد البلد مدعومة من إيران، فيما وصف بغداد عاصمة الرشيد بعاصمة العروبة الجريحة. وضعت السعودية إيران أمام اختبار حقيقي لجديتها في تحسين العلاقات الثنائية معها، وذلك بعد أن أعلن وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل أمس أمام مجلس الشورى أن بلاده تمد يدها لطهران لفتح صفحة جديدة. وهذه هي الدعوة الأولى التي توجهها السعودية إلى طهران عقب بدء العملية العسكرية التي تقودها ودول التحالف لاستعادة الشرعية في اليمن بعد سيطرة الحوثيين المدعومين من الحكومة الإيرانية. واحتلت العلاقات مع إيران مساحة واسعة من خطاب الأمير سعود الفيصل أمام مجلس الشورى أمس، إذ اتهم الأمير سعود الإيرانيين بتصدير الثورة وزعزعة الأمن والسلم والتدخل السافر في شؤون دول المنطقة وإثارة الفتن والشقاق بين أبناء العقيدة الواحدة. وتساءل وزير الخارجية عن المصلحة الإيرانية من تقسيم العالم العربي والإسلامي، ومحاولات الدفع به إلى الهاوية التي لا صعود منها. وفيما وقف الأمير سعود الفيصل في منتصف المسافة بين إدانة إيران أو تبرئتها من التهم الملقاة على عاتقها، فضل أن يدخل الجارة الإيرانية في اختبار نوايا. وقال "نمد لها أيدينا كبلد جارة مسلمة لفتح صفحة جديدة". الحل السلمي وطبقا لوزير الخارجية السعودي فإن مشكلة الملف النووي الإيراني "تظل أحد الهواجس الأمنية الشديدة الخطورة على أمن المنطقة وسلامتها، والتاريخ يشهد أنه لم يدخل سلاح في المنطقة إلا وجرى استخدامه"، مؤكدا أنه ومن هذا المنطلق دعمت بلاده دائما الحل السلمي القائم على ضمان حق إيران ودول المنطقة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية وفق معايير وإجراءات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتحت إشرافها، وبما ينسجم مع قرار الجامعة العربية الرامي إلى جعل منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي منطقة خالية من كل أسلحة الدمار الشامل بما فيها السلاح النووي. وفي لغة تحذير مبطنة لمجموعة دول (5+1) قال الأمير سعود الفيصل "إذا ما كانت تلك المجموعة تأمل في إعطاء دور لإيران في المنطقة فعليها أن تسعى أولا إلى تحقيق التوافق بين إيران والدول العربية بدلا من الالتفاف على مصالح دول المنطقة لإغراء إيران بمكاسب لا يمكن أن تجنيها إلا إذا تعاونت مع دول المنطقة". اتحاد خليجي ويبدو أن الديبلوماسية السعودية لا تزال تدفع باتجاه إنجاح مشروع الاتحاد الخليجي. وقال الفيصل إن هذا المشروع سيمكن دول مجلس التعاون من مواجهة التحديات والتغيرات الإقليمية والعالمية وتقوية شوكتهم في الدفاع عن مصالحهم ومصالح العالمين العربي والإسلامي، عادا أن ذلك يندرج ضمن حرص المملكة على العمل الجماعي الفعال، متطرقا إلى إسهامها كذلك في إصلاح جامعة الدول العربية وتعزيز دور منظمة التعاون الإسلامي، والدعوة إلى تطوير هياكل الأممالمتحدة وإصلاح مجلس الأمن. وتعد القضية الفلسطينية، طبقا للفيصل، هي المحور الأساس لسياسة المملكة الخارجية. وقال إن موقف المملكة تجاهها يرتكز على السعي إلى تحقيق السلام العادل والشامل الذي يشكل صلب مبادرة السلام العربية التي طرحتها المملكة وتبنتها الجامعة العربية. مأساة فاقت الحدود وبدا وزير الخارجية غاضبا جدا مما آلت إليه الأزمة السورية، لافتا إلى أن تلك المأساة فاقت كل حدود، وأصبحت وصمة عار في جبين كل متخاذل عن نصرة الشعب المنكوب، منوها إلى أن القتلى يكاد يصل عددهم إلى نصف مليون شاملا القتلة غير المعلن عنهم، وأن أعداد المهجرين واللاجئين تجاوزت 11 مليونا. وجدد الأمير سعود الفيصل على وقوف قيادة وشعب المملكة خلف كل جهد ممكن في سبيل إحياء الضمير العربي والدولي للدفع بالحل القائمة على مبادئ إعلان جنيف1 والقاضي بتشكيل هيئة انتقالية للحكم بصلاحيات سياسية وأمنية وعسكرية واسعة لا يكون للأسد ومن تلطخت أيديهم بالدماء أي دور فيها. وفي مقابل ذلك، شدد الفيصل على أهمية "السعي إلى تحقيق التوازن العسكري على الأرض لإرغام سفاح دمشق للاستجابة للحل السلمي في ظل إصراره على الحسم العسكري الذي دمر البلاد وشرد العباد، حتى يعود السلام لهذا الجزء الغالي من أمتنا العربية ويشيد أبناؤه عز دمشق وعز الشرق أوله دمشق". حرب أهلية ولم تغب الأزمة اليمنية عن مجريات خطاب الفيصل. وقال فيها "إن اليمن السعيد يئن من آلامه، ولقد استبدلت ابتسامته بدموع على القتلى وألم على ضحاياه، فتنة تكاد تقود اليمن إلى حرب أهلية"، مؤكدا أن الرياض لم تدخر جهدا مع الدول الخليجية والأطراف الدولية الفاعلة في العمل المخلص الحاد بغية الوصول إلى الحل السلمي لدحر المؤامرة عليه. واتهم الفيصل ميليشيا الحوثي وأعوان علي عبدالله صالح وبدعم من إيران بالعبث في اليمن وخلط الأوراق وسلب الإرادة اليمنية، والانقلاب على الشرعية الدستورية ورفض كل الحلول السلمية تحت قوة السلاح المنهوب، في سياسة جرفت اليمن إلى فتن عظيمة وتنذر بمخاطر لا تحمد عقباها. ومقابل العملية العسكرية التي تقودها السعودية ودول التحالف لاستعادة الشرعية في اليمن، علق وزير الخارجية على ذلك بالقول "إننا لسنا دعاة حرب، ولكن إذا قرعت طبولها فنحن جاهزون لها، وأمن اليمن جزء لا يتجزأ من أمن المملكة والخليج والأمن القومي العربي"، فيما استبعد خلال إجابته عن أحد الأسئلة التي وجهها إليه أحد أعضاء الشورى الزج بالقوات البرية داخل الأراضي اليمنية، مؤكدا أن اليمنيين قادرون على القيام بمسؤولياتهم ومواجهة التنظيم الحوثي. فتنة وفرقة وحمل الأمير سعود الفيصل زمرة من العراقيين المدفوعين من أطراف خارجية بإذاقة بغداد التي وصفها بعاصمة العروبة الجريحة الأمرين، عبر إشاعة الفتنة والفرقة والتناحر، وعدم الكف عن ارتكاب الجرائم وبث الكراهية وغرس الحقد في عاصمة الرشيد وملتقى الحضارات التي كانت تشكل في وقت من الأوقات حديقة غناء يفوح عبيرها بعبق التنوع وثراء التعددية ليس فقط فيم وطننا العربي، بل وفي العالم بأسره وعلى مدى قرون طوال. وفي موضوع مكافحة الإرهاب دعا الأمير سعود الفيصل إلى توسيع مهمات التحالف الدولي الخاص بمحاربة "داعش" في العراق وسورية، ليصبح بمثابة الشرطة الدولية لمحاربة التنظيمات الإرهابية بدون استثناء وفي أي مكان وجدت.