"رفدة الرفدة" من التقاليد العربية العريقة والجميلة التي تهدف إلى نشر التعاون والتآخي بين أفراد المجتمع وتعني في مجملها طلب المساعدة من القبائل في قضايا مثل الدية والدين وغيرهما. ولكن هذا العرف الاجتماعي الجميل أصبح ظاهرة غير محمودة في بعض الأحيان. فمع انتشار القتل والمزايدة في قيمة الدية، أصبحت الرفدة وسيلة سهلة للحصول على المال لدى البعض، ولم نعد نعرف هل تفشي القتل سببه سهولة الحصول على المال أم إن القتل أصبح في حد ذاته ظاهرة تنذر بالخطر؟ قد ينتقدني البعض عندما أقول: "سهولة الحصول على المال" قائلا: إن هذا غير صحيح وإن الرفدة لا توفر الكثير من المال مع تزايد المبالغ المطلوبة من أصحاب الدية، ولكن يبدو أن الشباب يعتقدون العكس. فالشباب يزدادون طيشا واستهتارا، إذ نحن نسمع يوميا عن حوادث قتل بعضها متعمد والبعض الآخر عن غير قصد، وعندما يسمح أهل الدية فإننا وفي كلتا الحالتين، نسمع أن أهل القاتل "يسترفدون"! في الماضي كانت الرفدة تتم عن طريق توزيع الأوراق، أو التواصل مع شيوخ القبائل للحصول على المبالغ المقدمة من كل فرد من أفراد القبيلة. أما اليوم، فقد أصبحت الرفدة أسهل، وذلك عن طريق استخدام وسائل التواصل المختلفة مثل فيسبوك، وتويتر، وواتساب، وإنستجرام وغيرها، بل وتجاوز الأمر ذلك أحيانا لاستخدام مقاطع مصورة مصممة للتأثير على الأفراد بشكل أوسع. وتعدى الأمر المدينة والحيّ والقبائل المحلية إلى مختلف مدن المملكة، وفي بعض الأحيان إلى بعض الدول الشقيقة المجاورة. ولكن ماذا لدى هؤلاء ليقولوه؟ أغيثونا فابننا قاتل! وفي النهاية، قد تكون الرفدة-مع اختلاف مسماها من منطقة إلى أخرى في المملكة- ظاهرة اجتماعية تكاملية رائعة تهدف إلى عتق الرقاب، وإلى حقن الدم ولكن البعض قد يستغلها للمزايدة على دم القتيل، فبالنسبة للبعض نرى أن الأرواح قد هانت حين أصبح العفو سلعة.