تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي وبعض مواقع الإنترنت المرخصة رسميا خبر تكفل صاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز - حفظه الله - بدفع المبلغ المطلوب لإعتاق رقبة أحد المواطنين من القصاص. والسؤال هو.. إن كان سمو الأمير تكفل بدفع خمسة ملايين ريال كجزء من باقي المبلغ.. إذا فما هو المبلغ المطلوب لعتق رقبة المواطن من القصاص؟ في الحقيقة وحسب ما تم تداوله فقد كان مبلغ الدية أكثر من عشرين مليون ريال. وقد سبق أن تمت مناقشة هذا الموضوع من خلال الصحف المحلية وناقشها الكثير. وفي هذا المقال أود أولا أن اشكر سمو الأمير الوليد بن طلال على هذه الخطوة الحميدة رغم علمي بأنه يوجد الكثير في مجتمعنا، سواء أكانوا من ولاة أمرنا من الأسرة الحاكمة الكريمة أو رجال الأعمال ممن يسعون لعمل الخير ممن قاموا بدفع الملايين لعتق الرقاب. ولكن لماذا هذه المبالغات؟ الكل يعلم عظم عتق الرقاب وهنا لا أتكلم عن عتق رقبة إنسان أقدم على جريمة القتل متعمدا أو محترف إجرام او مهربي المخدرات، ولكن أتكلم عمن قام بالقتل دون تخطيط مسبق مثلما نسمع عن حوادث عرضية بسيطة تنتهي بشجار أو سوء فهم وينتهي الموضوع بمأساة على القاتل وأسرته وقبيلته. وعندها تبدأ مساعي الخير. ولكن في هذه الأيام رأينا أن ساحة القصاص رغم كل ما فيها من رهبة أصبحت وكأنها متاجرة بالرقاب، ناهيك عما فيها من ضرر نفسي على المحكوم عليه بالقصاص واسرته الذين لا يعلمون ماذا ينتظرهم، خاصة أنهم لا يعرفون إن كان بإمكانهم جمع دية تصل لعشرات الملايين في وقت قد لا يتملكون منزلا يؤويهم. ولهذا بالإمكان دراسة هذا الموضوع من أكثر من جهة ويتم إحداث آلية لمن أراد التنازل. فمثلا إن كان لا يوجد لدى أصحاب الدم منزل فيتم تأمين منزل لهم عن طريق الدية التي يجب أن يكون لها سقف محدد. وكذلك إن كان أهل الدم قد انقطع عنهم دخل شهري بسبب وفاة الشخص، فمن الممكن أن يتم تزويدهم براتب شهري بأسلوب متعارف عليه مسبقا. وسبب ضرورة التنظيم هو أنه قد يتم دفع عشرات الملايين من الريالات كدية لأهل الدم، ولكن في الواقع قد لا يصل لأهل الدم إلا جزء يسير من الدية المعلن عنها، في وقت يكون الجزء الأكبر من الدية في جيوب أناس لا ناقة لهم ولا جمل في صلة القرابة لأهل الدم أو أهل من محكوم عليه بالقصاص ولكن كأنهم سماسرة. ولهذا فلاحقا قد يتردد البعض من أهل الخير في التدخل وعتق رقاب قد تكون في الحقيقة أحوج أن يتم عتقها، خاصة من صغار السن الذين قاموا بارتكاب جريمتهم بسبب طيش دقائق معدودة تحولت لكابوس ليس عليهم، بل على أفراد الأسرة والقبيلة والمجتمع. وأما الوليد بن طلال.. فنقول لك.. جعل الله ما قمت به في ميزان حسناتك. كاتب ومحلل سياسي