صدر بلاغ مكةالمكرمة في اختتام فعاليات المؤتمر الإسلامي العالمي "الإسلام ومحاربة الإرهاب"، الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين أمس. وتضمن البلاغ أن علماء الأمة الإسلامية ومفكريها من مختلف قارات العالم جاءوا تلبية لدعوة رابطة العالم الإسلامي للمؤتمر الإسلامي العالمي "الإسلام ومحاربة الإرهاب"، تعريفا للإرهاب وتشخيصا لأسبابه، وحماية للأمة من آثاره، وتبصرا بمآلاته بعد أن استفحل أمره، وعظم خطره، حيث شوه صورة الإسلام: شرعة ومنهاجا، واستحلت بسببه الدماء المعصومة، واستعلت نزعات الانقسام المذهبي والعرقي والديني وتكالب الأعداء على الأمة المسلمة مستهدفين هويتها ووحدتها ومواردها. ووجه المؤتمر بلاغا تضمن خمس رسائل إلى قادة الأمة المسلمة وعلمائها وإعلامها وشبابها، ثم إلى العالم، حكومات وشعوبا، أداء لواجب النصح، وإقامة للحجة، وإعذارا إلى الله، وذلك على النحو التالي: إلى قادة العالم الإسلامي • العمل على تحكيم الشريعة الإسلامية، والإصلاح الشامل الذي يحقق العدل، ويصون الكرامة الإنسانية، ويرعى الحقوق والواجبات، ويلبي تطلعات الشعوب، ويحقق العيش الكريم، ومتطلبات الحكم الرشيد. • المحافظة على وحدة المسلمين، والتصدي لمحاولات تمزيق الأمة دينيا ومذهبيا وعرقيا، وتعزيز التضامن الإسلامي بكل صوره وأشكاله. • الأخذ بأسباب القوة المادية والمعنوية، وحسن استخدام الموارد البشرية والطبيعية، وتعزيز التكامل بين الدول الإسلامية. • مراجعة البرامج والمناهج التربوية والتعليمية، والخطاب الديني بما يحقق المنهج الوسطي والاعتدال. • حل النزاعات في المجتمعات الإسلامية وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه سلف الأمة الصالح، وإنشاء محكمة العدل الإسلامية، وإبعاد أبناء الأمة على اختلاف انتماءاتهم الدينية والمذهبية عن الفتن والاقتتال. • وضع استراتيجية شاملة لتجفيف منابع الإرهاب، وتعزيز الثقة بين الأمة وقادتها، ونصرة قضايا الأمة العامة، ومكافحة الفساد، والحد من البطالة والفقر، ورعاية حقوق المواطنة لجميع مكونات المجتمع. • دعم الأقليات المسلمة في الحفاظ على هويتها، والدفاع عن مصالحها، وتعزيز قدراتها، لتمكينها من أداء رسالتها، والقيام بواجباتها تجاه مجتمعاتها، ملتزمة بنهج الوسطية في الفهم والممارسة. • تقوية المؤسسات الدينية، ودعم رسالتها واستقلالها. إلى العلماء • الحفاظ على هوية الأمة المسلمة، وتعاهدها بالتفقيه والتوعية، لتحقق واجبها في حماية الدين، والنصح للعالمين، والشهود على الخلق، ولتكون واعية برسالتها، وناهضة بها على الوجه المأمول. • تحقيق القدوة الصالحة، والقيام بواجب النصح والإرشاد للأمة وقادتها بالحكمة. • تصحيح المفاهيم الخاطئة، ووقاية الأمة من الشبهات المضللة، والدعوات المغرضة، بنشر العلم الصحيح المنبثق من أصول الإسلام، وفق هدي سلف الأمة وأئمة الإسلام، بعيدا عن تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين. • التعاون في موارد الاتفاق، وتعظيم الثوابت، والاجتماع على القضايا الكلية، والتحلي بأدب الخلاف في مواضعه، والتحذير من التكفير والتفسيق والتبديع في موارد الاجتهاد، صونا لمصالح الأمة العليا. • تعزيز التنسيق بين المؤسسات الشرعية في الفتوى، والتصدي للنوازل العامة بالفتوى الجماعية، والتحذير من الفتاوى الشاذة. • تقوية التواصل مع الشباب، وتضييق الفجوة معهم، وتوسيع آفاق حوارهم، وإجابة استفساراتهم، والسعي في تعزيز نهج الوسطية بينهم. إلى الإعلاميين • تعزيز الوحدة الدينية والوطنية في المجتمعات الإسلامية، والتصدي لدعاوى الفتنة والطائفية. • إرساء القيم والأخلاق الإسلامية، والتوقف عن بث المواد السلبية المصادمة لدين الأمة وثوابتها وقيمها. • تحري المصداقية في الأخبار، والتثبت فيها، والنقل الهادف، والامتناع عن الترويج للإرهاب ببث رسائله، وإدراك أهمية الرسالة الإعلامية التي تصل إلى كل العالم. • العمل على معالجة أدواء الأمة، والتحلي بالمسؤولية، وعدم إشاعة الآراء الشاذة والمضللة، وتوظيف الإعلام في نشر الوعي بحرمة الدماء، ومخاطر الظلم، والتصدي لمحاولة تشويه الإسلام والمسلمين. إلى الشباب • الاعتصام بالكتاب والسنة، وهدي سلف الأمة، واجتناب الفتن، وموارد الفرقة والنزاع، والنأي عن الإفراط والتفريط، وتعظيم الحرمات، وصون الدماء، ورعاية مصالح الأمة الكبرى. • الثقة بالعلماء الربانيين الراسخين، والرجوع إليهم، والاعتصام بما يبصرون به من أحكام الدين، والحذر من الأدعياء، وتجاسرهم على الفتيا في قضايا الأمة العليا. • التفقه في الدين، وترسيخ الإيمان، والالتزام بالشرع، والنظر في تحقيق المقاصد، والموازنة بين المصالح والمفاسد، وعدم الاغترار بالشعارات البراقة التي ترفعها بعض الجهات بغير سند من كتاب ولا سنة. • ترشيد العاطفة والحماس، بالنظر في المآلات، وتقديم الأولويات، وفقه الواقع، والتحلي بالصبر والأناة في الإصلاح، والتدرج في بلوغ الأهداف، ومراعاة سنن الله في التغيير، وسلوك الطرق المشروعة في ذلك، واستلهام الدروس والعبر من التجارب الماضية. إلى شعوب العالم • إن التطرف ظاهرة عالمية، والإرهاب لا دين له ولا وطن، واتهام الإسلام به ظلم وزور، تدحضه نصوص القرآن القطعية بتنزله رحمة للعالمين، ومحاربته للظلم بجميع صوره وأشكاله. • التطرف غير الديني من أهم أسباب الإرهاب، لأنه يستجلب العنف المضاد. • القيم الإنسانية مشترك فطري، ولا يقبل تزييفها أو تزويرها بما يفرغها من مضمونها. • محاربة الإرهاب والتطرف الديني لا تكون بالصراع مع الإسلام، والترويج للإسلاموفوبيا، بل بالتعاون مع الدول الإسلامية وعلمائها ومؤسساتها. • الحرية بضوابطها قيمة أعلى الإسلام من شأنها، وربطها بقيمة المسؤولية، فلا تكون مسوغا للإساءة للآخرين، والطعن في الرموز والمقدسات الدينية. • التواصل والحوار بين الناس لتحقيق التعارف ضرورة إنسانية.. من دون استعلاء طرف وذوبان آخر. • إقامة العدل الناجز متعين في ظل وحدة معيار واستقامة ميزان.