أعلن المشاركون في المؤتمر العالمي بمكةالمكرمة التابع لرابطة العالم الإسلامي «الإسلام ومحاربة الإرهاب» في يوم ختامه أمس، إنشاء هيئة عالمية لمكافحة الإرهاب تابعة للرابطة، تتولى دراسة الإرهاب، وتحليل دوافعه وأسبابه، ونشر الدراسات البحثية حوله، واقتراح البرامج العملية التي تسهم في الوقاية منه، وتنفيذها، والتنسيق في ذلك مع المؤسسات المختصة. ودعوا من خلال توصياتهم إلى عقد لقاءات تنسيقية مع الجهات المتخصصة في الأمة الإسلامية، لوضع خطط عملية تتصدى للفكر المنحرف، وتكوين وفود من العلماء والمتخصصين لزيارة البلدان المتضررة من الإرهاب، ومقابلة مسؤوليها، وشرح الرؤية الإسلامية حول علاج هذه الظاهرة. وأصدروا في نهاية المؤتمر بلاغاً يسمى «بلاغ مكة»، يضم النقاشات كافة التي تمت في المؤتمر، والنتائج التي توصلوا إليها في إطار خمس رسائل موجهة إلى قادة الأمة المسلمة وعلمائها، وإعلامها وشبانها، وإلى دول العالم كافة. وأفضت التوصيات إلى التعاون مع الجامعات الإسلامية ومراكز الأبحاث من أجل ضبط المفاهيم الملتبسة، وتوفير مادة علمية رصينة تكون بين أيدي الخطباء والدعاة والمعنيين بالشبان، إضافة إلى عقد لقاء عالمي يضم مختلف الهيئات الدينية والمؤسسات الفكرية والشخصيات المتخصصة، مسلمين وغير مسلمين، وذلك لبيان موقف الإسلام من الإرهاب، وجهود المسلمين في التصدي له، ومجالات التعاون بينهم وبين غيرهم في ذلك. وأكد المشاركون في «بلاغ مكة» أن ما آلت إليه الأوضاع في العراق وسورية واليمن وغيرها، وتحولها إلى مسارح للجرائم اليومية، يرجع في أبرز أسبابه إلى إدارة شؤون الدولة، ومعالجة المشكلات بنزعة طائفية متحيزة، تسعى لتعزيز نفوذها على حساب غيرها من المكونات الوطنية. وأفادوا بأن التقصير في تطبيق الشريعة في معظم الدول الإسلامية، أحد العوامل التي أسهمت في تأجيج تلك الصراعات، على رغم تشوق المسلمين إلى تطبيق الشريعة، ملقين اللوم على ضعف أداء رسالة المسجد والمدرسة في التربية والإصلاح والتهذيب. وأضاف البيان المشترك: «إزاء هذا الخطر الماحق يتوجه العلماء المشاركون في المؤتمر بهذا البلاغ المتضمن خمس رسائل يوجهها المؤتمر إلى قادة الأمة المسلمة وعلمائها وإعلامها وشبابها، ثم إلى العالم حكوماتٍ وشعوباً، أداء لواجب النصح، وإقامة للحجة، وإعذاراً إلى الله». ودعا البلاغ في رسالته الأولى قادة الأمة إلى العمل على تحكيم الشريعة الإسلامية، والإصلاح الشامل الذي يحقق العدل، ويصون الكرامة الإنسانية، ويرعى الحقوق والواجبات، ويلبي تطلعات الشعوب، ويحقق العيش الكريم، ومتطلبات الحكم الرشيد والمحافظة على وحدة المسلمين، والتصدي لمحاولات تمزيق الأمة دينياً ومذهبياً وعرقياً، وتعزيز التضامن الإسلامي بكل صوره وأشكاله، والأخذ بأسباب القوة المادية والمعنوية. وفي رسالته الثانية إلى علماء الأمة دعاهم إلى الحفاظ على هوية الأمة المسلمة، وتعاهدها بالتفقيه والتوعية، لتحقق واجبها في حماية الدين، والنصح للعالمين، والشهود على الخلق، ولتكون واعية برسالتها، وناهضة بها على الوجه المأمول وتحقيق القدوة الصالحة، محذرين من التكفير والتفسيق والتبديع في موارد الاجتهاد، صوناً لمصالح الأمة العليا وتعزيز التنسيق بين المؤسسات الشرعية في الفتوى، والتحذير من الفتاوى الشاذة وتقوية التواصل مع الشبان، وتضييق الفجوة معهم. وأكدت الرسالة الثالثة الموجهة إلى الإعلام الإسلامي ضرورة تعزيز الوحدة الدينية والوطنية في المجتمعات الإسلامية، والتصدي لدعاوى الفتنة والطائفية وإرساء القيم والأخلاق الإسلامية، والتوقف عن بث المواد السلبية المصادمة لدين الأمة وثوابتها وقيمها وتحري الصدقية في الأخبار. ... ويحذّر من الاغترار بالشعارات البراقة دعا «بلاغ مكةالمكرمة» شبان الأمة إلى الاعتصام بالكتاب والسنة، وهدي سلف الأمة، واجتناب الفتن، وموارد الفرقة والنزاع، وعدم الاغترار بالشعارات البراقة التي ترفعها بعض الجهات بغير سند من كتاب ولا سنة وترشيد العاطفة والحماسة، بالنظر في المآلات، وتقديم الأولويات، وفقه الواقع. واختتم البلاغ رسالته الخامسة إلى العالم ومؤسساته وشعوبه، وإبلاغهم أن التطرف ظاهرة عالمية، والإرهاب لا دين له ولا وطن، واتهام الإسلام به ظلم وزور، تدحضه نصوص القرآن القطعية بتنزيله رحمة للعالمين، ومحاربته للظلم بجميع صوره وأشكاله، وأن التطرف غير الديني من أهم أسباب الإرهاب. وقال البلاغ: «إننا نعيش جميعاً في عالم واحد، تتعايش فيه مجتمعاتنا، يتأثر كله بما يموج في جنباته، وهو ما يحتم شراكتنا في بناء الحضارة الإنسانية، والسعي في تحقيق مصالحنا المتبادلة، وأن التواصل والحوار بين الناس لتحقيق التعارف ضرورة إنسانية، من دون استعلاء طرف وذوبان آخر، وأن التسامح بين الشعوب في ما وقع خلال التاريخ من مثالب وأخطاء مطلوب من دون تهاون في الحقوق، ونسيان للدروس الإيجابية، ولنكن على قدر شرف الكرامة الإنسانية».