رصد الباحث الببليوجرافي الكاتب خالد اليوسف تراجع حركة الإنتاج والإصدارات في السعودية العام الماضي عن الذي قبله بنقص يصل إلى أربعة كتب فقط، إذ وصل عدد ما تم نشره خلال عام 1435/ 2014 إلى 409 كتب – تقريبا – داخل المملكة وخارجها. وقال اليوسف: تتجدد الحياة الثقافية في المملكة في عدد من الظواهر الإيجابية، لعل أبرزها تأليف الكتب الأدبية ونشرها داخل المملكة وخارجها، ومن الكتّاب أنفسهم، أو من الناشرين، أو من الأجهزة الرسمية في الدولة، وتبرز هذه الحركة الدؤوبة والنشطة في الأخبار والتقارير اليومية في صحافتنا ومنافذ الأخبار الورقية والرقمية أو على رفوف المكتبات المنتشرة في أرجاء الوطن. وحركة التأليف والنشر الأدبي في بلادنا تسابق الزمن في كل عام، ومن خلال هذه القراءة سنجد ونلمس كثيرا من الملامح التي باتت علامة فارقة في تاريخنا الأدبي، والرصد السنوي يبين لنا أن حركة التأليف والنشر الأدبي في المملكة نشطة وواعية ومتفاعلة مع كثير من الأحداث. وعن أبرز ملامح الرصد من خلال بحثه قال اليوسف: يعطينا البحث نتائج مبهجة حول حركة التأليف والنشر والطباعة للكتاب الأدبي، كما أن المتغيرات الحياتية والثقافية لم تزد هذه الحركة إلا تصاعدا ونموا لدى المؤلفين والناشرين. تتبع البحث حركة الطباعة وتوصل إلى أن عدد الدور والمؤسسات التي اهتمت بطباعة وإصدار الكتاب السعودي تجاوزت ال80 منشأة، بخلاف النشر على حساب المؤلف مباشرة. وأثبتت الشراكة في نشر الكتاب الأدبي بين أنديتنا الأدبية وعدد من الناشرين أنها عملية محفزة على الانتشار، وأنها قادرة على إلغاء الحواجز، وأنها خطوة إيجابية في حراك الأندية الأدبية، وبرز في هذا العام نادي الباحة الأدبي الذي أصدر 14 كتابا أدبيا، وبعده نادي أبها الأدبي الذي أصدر 13 كتابا، ثم نادي الدمام ب12 كتابا أدبيا، ثم نادي الرياض ب11 كتابا أدبيا، ثم نادي مكةالمكرمة وجازان لكل ناد عشرة كتب. في مقابل ذلك ما زال مشروع النشر في عدد من الأندية الأدبية هو من آخر مهماتهم واهتماماتهم وعملهم الأدبي والثقافي، ومثال ذلك الأندية الأدبية في تبوك والجوف والقصيم التي لم تصدر أي كتاب أدبي خلال هذا العام. ورأى اليوسف أن تراجع النشر الروائي طبيعي جدا، وأن ما حصل في عام 2011 ووصلت 110 روايات هو أعلى ما يتوقعه المتابعون، وأن الفحص والتمحيص والتدقيق بدأ بعد ذلك، ولهذا انخفضت إلى 80 رواية في هذا العام، وستنخفض في الأعوام المقبلة، لأنه لن ينشر إلا الرواية الحقيقية! وفي مقابل هذا بدأت ظاهرة إصدار كتب النصوص المفتوحة وعلا الاهتمام بها وبنشرها، وهي كتب تجمع بين الشعر والنثر والمقالة الأدبية. سابعا، ما زال الناشر العربي خارج الوطن يقتسم الحركة ويسهم بجهد كبير في طباعة وتوزيع الكتاب الأدبي السعودي، على الرغم من وجود عدد من الناشرين المحليين. وتظهر هذه الدراسة أن كتب القصة القصيرة "المجموعات" ارتفع معدلها ووصلت إلى 73 مجموعة قصصية، وهو أمر طبيعي لنضج الكتابة القصصية في السعودية، ولتقدم الوعي بأهمية جمع النصوص القصصية في كتاب. تاسعا، هناك تراجع واضح في نشر كتب النقد الأدبي لكل الفنون، على الرغم من وجود الأندية الأدبية وكرسي الأدب السعودي وغيرهما من الإدارات الحكومية، التي ينصب اهتمامها في هذا المجال. وتثبت هذه الدراسة تجدد الإبداع والكتابة والنشر في أدبنا العربي بالسعودية، ونرى هذا في كل عام من خلال الأسماء الجديدة في فنون الأدب العربي عموما، وتجاوز عدد الأسماء الجديدة 300 اسم. وأضاف اليوسف: هناك في المقابل عدد من الأسماء الرائدة في مجالها، ما زال الإصرار والعطاء ديدنها، وتصدر في كل عام كتابا واحدا أو كتابين، كالكاتب محمد المنصور الشقحاء الذي أصدر مجموعتين قصصيتين في هذا العام لتصل عدد مجموعاته القصصية إلى 18 مجموعة قصصية، والشاعر الناقد سعد البواردي الذي أصدر أربعة كتب جديدة، والروائي القاص مقبول العلوي الذي أصدر روايتين ومجموعة قصصية، وبلغ عدد الذين أصدروا أكثر من كتاب 40 كاتبا وكاتبة. أما الباحث والكاتب والمبدع علي إبراهيم الدرورة فيمثل نموذجا متفردا في عدد الإصدارات الأدبية، فأصدر هذا العام أكثر من 30 كتابا أدبيا. وتصدرت مؤسسة الانتشار العربي ودار المفردات للنشر والتوزيع الدور الناشرة في عدد الإصدارات لهذا العام 1435/ 2014، أما الدار المحلية التي تصدرت الحركة النشطة في عدد الإصدارات للأعوام الماضية فهي دار الكفاح للنشر والتوزيع في الدمام، وتجاوزت 200 عنوان أدبي سعودي وعربي. ولم يخف اليوسف أن هناك تفاصيل وملامح أوسع وأكثر ثراء في الكتاب الخاص بهذا الموضوع، وسيصدر قريبا عن كرسي الأدب السعودي بجامعة الملك سعود بالرياض.