امتدت الأمسية الشعرية في جناح المملكة أول من أمس، لأكثر من ساعة ونصف معتمدة على الجولات المتعددة بين الشعراء الثلاثة: الدكتور صالح الزهراني، والدكتور أحمد التيهاني، وعيسى جرابا، وأدارها الشاعر المصري أحمد سويلم، وسط تفاعل الجمهور المصري. قال السويلم في بداية الأمسية: إن الحركة الشعرية السعودية شهدت حراكا كبيرا خلال الفترة الأخيرة، مشيرا إلى أن الشعر السعودي أصبح له مكانا خاصا في جميع المحافل الثقافية الدولية، وأكد أن الأمة العربية أطلق عليها أمة شاعرة، لافتا إلى أن جزيرة العرب هي مهد الشعر العربي الذي ظل الأداة الإعلامية الوحيدة منذ عصر الجاهلية حتي العصر العباسي، فكان إعلام الناس بالأحداث والأزمات والمواقف يتم من خلال القصائد الشعرية التي تلقى عليهم في الأسواق. وبدوره أكد الزهراني أن الشعراء المصريين لعبوا دورا كبيرا في تطور الحركة الشعرية في العالم العربي، التي أوجدت المدارس الشعرية المصرية المختلفة "الإحياء والبعث، والكلاسيكية الجديدة، والرومانسية.. وغيرها من المدارس الحديثة" التي دعمت الحركة الشعرية العربية. وألقى عددا من قصائده منها قصيدة الكون الفسيح؛ قال فيها: لا تلمني فلا يلام الجريح حين يشكو، وحين تشكو الجروحُ لا تلمني فلا يُلام طريدٌ لا يلام المظلوم حين يصحُ لا تلمني، لمْ خافقاً بين جنبي ك، لم يخفقْ، لم تحتضنه القروحُ وأنا لن ألوم من مات حسّاً إنما اللوم للذي فيه روحُ لا تلمني وجهي يلوم صنيعي وفؤادي فوق المآسي طريحُ ثم ألقى الشاعر جرابا عددا من قصائده الشعرية منها قصيدة "إيه يا مصر" و"روح الأرض" و"ميقات القلوب" و"ليت" و"خطيئة". قال في قصيدته إيه يا مصر: إِيْهِ يَا مِصْرُ مَا عَسَانِي أَقُوْلُ؟ وَعَلَى رَاحَتَيْكِ تَزْهُو الفُصُوْلُ تُشْرِقُ الشَّمْسُ مِنْ جَبِيْنِكِ جَذْلَى بِالأَمَانِي فَتَسْتَفِيْقُ الحُقُوْلُ وَتَسَاقَى النَّمَاءُ مِنْ قَلْبِكِ الحَا نِي وَمِنْ مُقْلَتَيْكِ فَاضَ النِّيْلُ وَتَهَادَتْ سَنَابِلُ القَمْحِ تَجْلُوْ هَا المَآقِي وَلِلمُنَى تَعْلِيْلُ وَشُمُوْخُ النَّخِيْلِ لَحْنٌ أَبِيٌّ لا يُنَاغِي صَدَاهُ إِلاَّ النَّخِيْلُ والمَسَاءَاتُ يَسْتَثِيْرُ هَوَاهَا مُهَجاً وَالهَوَاءُ صَبٌّ عَلِيْلُ وَرَوَابِيْكِ رَوْضَةٌ مِنْ حَنَانٍ طَابَ فِيْهَا مَبِيْتُنَا وَالمَقِيْلُ نُضْرَةٌ فِي الثَّرَى تَغَشَّتْ وُجُوْهاً وَارْتَدَتْهَا مَشَاعِرٌ وَعُقُوْلُ إِيْهِ يَا مِصْرُ فِي رِحَابِكِ أَحْلا مِي عَذَارَى وَطَرْفُ شِعْرِي خَجُوْلُ وتجلى في القصيدة عشق الشاعر لمصر وحبه لها الذي يراه زادا له، ويعدّها قصيدة أقرب للغزل منها إلى النصوص، ثم ألقى الشاعر أحمد التيهاني عددا من قصائده منها "وصية تهلل وحل موت المغني". وفي سياق متصل، قال أستاذ النحو والصرف وفقه اللغة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور صالح العبداللطيف: إنني سعيد بزيارتي لجزء عزيز من وطني يعكس الحراك الثقافي في ربوعه. مشيرا إلى أن مشاركة المملكة حققت طفرة نوعية من ناحية المضمون والشكل، وتمثل المضمون في آلاف العناوين من المؤلفات والكتب المتنوعة التي تزخر بها الجهات الحكومية المشاركة التي من شأنها أن تثري الساحة الثقافية. وفي برنامجها الثقافي المتميز، الذي يشارك فيه كثير من أرباب الفكر والثقافة والإبداع من السعوديين وأشقائهم المصريين. وأشار إلى أن هذا التميز والإبداع لم يكن ليأتي من فراغ، بل جاء من جهود مضنية وعمل دؤوب قام به رجال أخلصوا لبلادهم ولعملهم، وأدوا الأمانة حق أدائها، فكانت الثمرة إبداعا وتميزا. وبدورها رفدت دار خوارزم العلمية بجناح المملكة بأكثر من 150 عنوانا جديدا، أبرزها كتاب "الأدب السعودي رؤية جيدة" للدكتور سعيد المالكي، و"فلسفة النحو" للكاتب محمد سعد القرني، و"بداية الشعر الأندلسي" للدكتور سعيد المالكي، و"الفكر الفلسفي في الإسلام" للدكتور سعيد الأفندي، و"الصحة النفسية" للدكتور أحمد جاد الرب، و"سيكولوجية الشخصية" للدكتور رشاد دمنهوري والدكتور علاء الدين السعيد. .. وأئمة الأزهر: الجناح السعودي يقدم ثروة ثقافية أبها: الوطن أشاد عدد من أئمة الأزهر الشريف الذين وفدوا إلى جناح المملكة بمثالية العرض في الجناح، مؤكدين أنه مقصدهم الأول، لما يحتويه من كتب موثقة بأقلام علماء ثقة عرف عنهم التحقيق والعلم الصحيح، بعيدا عن الكتب المؤلفات المشبوهة غير الموثقة. الإمام والخطيب أحمد عبدالغفار قال: تتميز كتب الجناح بالتحقيق العلمي والشرعي، وهو ما جعل الكتاب السعودي محل احترام وتقدير الأئمة وطلاب العلم في العالم. من جهته، قال عبدالرحيم صالح: إن جناح المملكة يقدم ثروة ثقافية ودينية وعلمية تثري الحياة الثقافية والدينية للمكتبة العربية والإسلامية، وهو ما دفع الجمهور وطلاب الأزهر للتوافد عليه، مؤكدا أن علماء المملكة استطاعوا أن يصنعوا لأنفسهم مكانة مرموقة وسط علماء الأمة. وبدوره أكد أحد الأئمة الأزهريين أن جناح المملكة مقصد لكل أئمة وعلماء وطلاب العلم، مرجعا ذلك إلى شهرة الكتاب السعودي من ناحية المتن الجيد والتوثيق والتحقيق الشرعي والعلمي الصحيح. ومن جانبه، قال الشيخ عيد شحاتة: أحرص على زيارة الجناح كل عام لشراء الكتب الشرعية التي تقدم مادة علمية رصينة بعيدا عن الغلو والتشدد، وتدعو إلى الوسطية والاعتدال.