حظيت منطقة عسير بأول معرض تشكيلي يستلهم تراثها العمراني وما يرتبط به من قيم فنية وجمالية مميزة من منظور حديث، يتيح للفنان التشكيلي دمج الماضي بالحاضر، بالأساليب والاتجاهات التشكيلية المعاصرة والحديثة. ويضم المعرض الذي افتتحه الأمير سلطان بن سلمان أول من أمس، وتنظمه الهيئة العامة للسياحة والآثار بالشراكة مع فرع الجمعية السعودية للفنون التشكيلية (جسفت) بعسير، ضمن فعاليات ملتقى التراث العمراني الرابع، (80) عملاً تصور مختلف الفنون العمرانية التراثية في المنطقة، من خلال فنون تشمل التصوير التشكيلي، والرسم التشكيلي، والمنحوتات، والحفر والطباعة، والخزفيات، والريليف الغائر والبارز. وعن طبيعة الفن العمراني التراثي بعسير، قال مدير فرع الجمعية السعودية للفنون التشكيلية (جسفت) الدكتور علي مرزوق: "تعبر العمارة التراثية عن متطلبات المجتمع المسلم، لذا جاءت فكرة هذه المسابقة لتشجع الفنانين التشكيليين على استلهام واستخلاص القيم الفنية والجمالية للتراث العمراني بمنطقة عسير، وتوظيفها في الأعمال الفنية المعاصرة لتؤكد على الأهداف المرسومة، ومن أهمها الحفاظ على التراث العمراني وعلى الهوية للفن التشكيلي السعودي المعاصر". من جهته لفت الفنان محمد شراحيلي إلى أن الأشكال والألوان المستخدمة في الفن العسيري التراثي لها معان ورموز، مشيرا إلى أن المثلثات وألوانها في الفن الجنوبي لها دلالات، حيث إن المثلث يدل على وجود فتاة في المنزل، ويمكن التعبير عن مراحل عمرها بأربعة ألوان، حيث يستدل بالأصفر على وجود مولودة، وذلك نتيجة لداء (الصفار) الذي يصيب المواليد في ذلك الوقت، والأزرق يدل على الحيوية في مرحلة الطفولة، بينما الفتاة البالغة يشار إليها باللون الأخضر، كما يعبر المثلث الأحمر عن الحنان والأمومة. وبين أن جميع الألوان والأدوات المستخدمة قديماً، تستخلص من الطبيعة، بالإضافة إلى فرشاة التلوين التي تصنع يدوياً من شعر الماعز. الفائز بالمركز الأول في المسابقة فهد النعيمة أكد أنه لم يكن سهلاً أبداً تجسيد الفن العسيري في لوحة، خصوصاً أنه نجدي الأصل والمنشأ، ونجد تختلف ثقافتها العمرانية كلياً عن عسير، مشددا على أن الزخرفة العسيرية غنية جداً بدرجات وطبقات لونية متعددة لها قوانين ودروس عميقة تدل على موروث عريق، أبرزها أنها تعتمد بشكل رئيس على ثلاثة ألوان أساسية، وهي: الأصفر والأزرق والأحمر، توظف في أشكال ورموز يصعب على غير العسيري فهمها.